للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: أن شباباً من أفضل العائلات في مكة قد انتمى للإسلام، وخير مثال هو خالد بن سعيد بن العاص هذا كلام "وات" بنصه فما الذى حمل هؤلاء وهم أعلى درجات السلم الاجتماعى على الإسلام؟ وما هو الصراع الطبقى الذى أخذوا يحدثون به أنفسهم؟ بل أين حظ هذا الكلام من واقع ملموس نتشبث به في وقوع تفكير من ذلك فضلاً عن حدوثه؟ إن الواقع وانتشاره من الأدلة على أن تلك الأحداث لها حظ من الحقيقة كان على "وات" أن يبحث عن الأسباب الكامنة وراء إسلامهم، ليعطى للبحث شيئاً من القيمة والمصداقية، إن الخواء الروحى، والتطلع إلى ما يملأ القلب ويروى هذا الظمأ الروحى القلبى كان السبب المباشر، إذ لا يعقل أن يترك هؤلاء حياة الرفاهية والعلو الاجتماعى والسياسي، ثم بعد ذلك يحاربون لتحصيلها مرة أخرى هذا شيء أشبه بالخيال والعبث واللامعقول.

أما مخالفة مبادئ هذا الدين فتظهر مما يلى:

١ - أن الإسلام جاء ليدعو الناس كافة إلى توحيد الله وعبادته، ولا يعدهم بشيء إلا الجنة كما ذكرت السيرة في مبايعات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يفرق في الدعوة إلى الإسلام بين فئة وأخرى وهي دعوته إلى أن لقى الله عز وجل، ودخل من دخل فيها وهو يعلم تبعات ذلك ومشقاته كما أشرنا ونشير إن شاء الله تعالى.

٢ - أن تفكير المؤمنين وتحركاتهم كل ذلك مرجعه إلى أمر الله تعالى ورسوله، وأن أفكارهم وحياتهم قد صيغت على نحو جديد لا علاقة له بالموروث الجاهلى المخالف، وما كان ليأمر بذلك ويحدده، ويصير صاحبه مسلماً إلا باتباع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأين ذلك في دينه وجهاده وحياته حتى انتقاله إلى الرفيق الأعلى؟ إن المسلمين لم يكونوا ليفكروا أو ينشئوا شيئاً من بنات أفكارهم أو علاقتهم دون إذنه أو أمره، إن ذلك من "وات" تفريغ الدعوة من ارتباطها بالسماء وأنها وحى يوحى من الله، كما هو دأبه في دراسة السيرة.

<<  <   >  >>