للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد أن نَهَرَ أبا جهل وأغلظ له القول، فقال أبو جهل: إنك لتعلم ما بها نادٍ أكثر منى، فأنزل الله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)} [العلق: ١٧ - ١٨]. (١)

وقد سأل عروة بن الزبير وعبَد الله بن عمرو بن العاص: أخبرنى بأشد ما صنع المشركون برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قال: بينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلى بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبى معيط، فأخذ بمنكب الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر فأخذ بمكبه، ودفع عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: ٢٨].

وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكر شيئاً مما لاقاه من أذى قريش فيقول: «لقد أُخفتُ في الله عز وجل وما يخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت علىَّ ثلاثون ما بين يوم وليلة ومالى ولا لبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال» (٢)

وقد ختم المشركون أذاهم لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالشروع والاتفاق والإعداد والقيام بالمحاولة بالمحاولة الآثمة لقتله في أواخر المرحلة المكية مما عجل وكان سبباً مباشراً في هجرته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة المنورة.

وإن محاولة قتله عليه الصلاة والسلام لم تقف عند ذلك الاتفاق قبل الهجرة مباشرة، بل وقع من الملأ من قريش قبل ذلك، إذ يحكى ابن عباس رضى الله عنهما تعاهداً على ذلك


(١) مسلم (٢١٥٤)، وأحمد، المسند (٢/ ٣٧٠)، والطبرى، التفسير (٣٠/ ٢٥٦)، وانظر كذلك سنن الترمذى (٥/ ٤٤٣ / ٤٤٤)، والالبانى، السلسلة الصحيحة (٣٧٥)، وقال صحيح على شرط مسلم.
(٢) أحمد، المسند (٣/ ٢٨٦)، سنن الترمذى وقال: حسن صحيح، وصححه الألبانى في الجامع (٥٠٠١)، ومشكاه المصابيح (٣/ ١٤٤٦).

<<  <   >  >>