تم في الحجر من الحرم الشريف حيث يقول:«إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر، فتعاهدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى لو قد رأينا محمداً قمنا إليه قيامَ واحدٍ، فلم نفارقه حتى نقتله فأقبلت فاطمة تبكى حتى دخلت على أبيها. فقالت: هؤلاء الملأ من قومك في الحجر قد تعاهدوا أن لو رأوك قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل إلا قد عرف نصيبه من دمك، قال: يا بنية أدنى وَضوءاً، قتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا هذا هو، فخفضوا أبصارهم، وعَقِروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه أبصارهم، ولم يقم منهم رجل، فأقبل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى قام على رءوسهم، فأخذ قبضة من تراب فحصبهم بها وقال: شاهت الوجوه، قال: فما أصابت رجلاً منهم حصاة إلا قد قتل يوم بدر كافراً». (١)
ولزاماً لابد من الإشارة إلى بقية المواجهات، وأساليب الأذى التى أنزلها المشركون بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجابهوه بها، خاصة وقد ذكرها القرآن الكريم بشيء من التفصيل، كل ذلك قبل أن نبين الاضطهاد الذى حل كذلك بالمؤمنين.
وإننا نخوض بعض الشيء في تفاصيل ذلك، حتى يكون الدليل الساطع في الرد على "وات"، في منهجه وآرائه في قضية الاضطهاد.
ومن أبرز تلك الأساليب:
١ - كان لجؤوهم إلى إبى طالب ليكف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن دعوته، أو رفع يده عن حمايته ونصره حيث ذهبت مجموعة من أشرافهم إلى عمه بتلك المطالب، أو أن ينازلوه وإياه حتى يهلك أحد الفريقين، فكفى ما أتى به من سب آلهتهم، وعيب دينهم وتسفيه أحلامهم، وتضليل آبائهم وإن أبا طالب أرسل عقيلاً – ابن أبى طالب – إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما حضر قال له عمه: إن بنى عمك هؤلاء قد زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته
(١) أحمد، المسند (١/ ٣٠٣ - ٣٦٨)، بإسنادين صحيحين كما قال أحمد شاكر في حاشية المسند.