عن أذاهم، فحلق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ببصره إلى السماء، فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة، فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخى فارجعوا.
وإن المتأمل في هذا الموقف ليعلم أمرين:
الأول: عدم تردد أو نكوص أصحاب الدعوة عما أمروا به، وأنهم يجب أن يمضوا في القيام بواجب البلاغ مهما تحملوا في سبيله، مستمسكين بذلك، بل إن تركهم ذلك لمن المستحيلات التى لا يمكن أن تكون إلا أن يشاء الله أمراً كان مفعولاً.
الثاني: أن تراتيب حماية ونصرة الدعوة لبيد الله جل وعلا، وتقع من حيث لا يحتسب الدعاة والمصلحون، فهذا الموقف من أبى طالب وهو كافر قد استخدمه الله فيه للذود عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإنها من حكم الله البديعة إذ لو كان مسلماً لنازله الكفار ولآذوه مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما كان ليكون له من جاه وهيبة واحترام، وإنما كانوا سيتجرأون عليه، ويبسطوا إليه أيديهم والسنتهم بأسوأ السوء.
٢ - الاتهامات الباطلة لصد الناس عنه:
ومن هذه الاتهامات:
- الجنون، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦)} [الحجر: ٦]، وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١)} [القلم: ٥١]، وقد رد عليهم بقوله سبحانه: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣)} [القلم: ٢ - ٣]، حيث بيناه من قبل.
- السحر والكذب، وقد ذكر ذلك القرآن الكريم في ضمن ما كادوا به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال