طلبهم المعجزات أو المزايا للنبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خلاف البشر:
ومما ظنوا أنه حجر عثرة أمام دعوة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكذبونه به، ويشوشون به على الناس لئلا يؤمنوا أن يظهروا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمظهر العاجز عن أن يأتى لهم بما يقدر عليه الرب من خوارق العادات، مما يدل على أنه ليس مبلغاً عن الله تعالى، مع أنه لما جاءهم بشيء من ذلك، أجراه الله تعالى على يديه، قالوا مكذبين:«إن هذا إلا سحر يؤثر».
ورد عليهم سبحانه وتعالى في الأيه نفسها بأن يقول لهم:{قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}[الإسراء: ٩٣].
وسألوه أن يسير لهم جبال مكة، ويقطع لهم الأرض ليزرعوها، ويبعث لهم من مضى من الآباء الموتى أمثال قصى ليسألوه عن صدق محمد، ورد الله عليهمفى قوله:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا}[الرعد: ٣١]. (١)
لقد كانت مطلوباتهم تلك على وجه المعاندة، لا الاستفسار والهداية إن هي وقعت بحيث يتم إيمانهم ودخولهم في الإسلام بتحققها، ومن ثم لم يجابوا إلى كثير منها، وما أجيبوا إليه ليس لتركهم العناد، بل لإظهار صدق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقوة الله وقدرته جل وعلا من ناحية
(١) انظر الطبرى، جامع البيان (١٦/ ٤٤٦ - ٤٥٠)، أحمد شاكر إلى ابن عباس، وابن هشام، السيرة (١/ ٣٨١)، وانظر الشامى، سبل الهدى والرشاد (٢/ ٤٥٦ - ٤٥٧)، من خبر أبى يعلى، وأبى نعيم عن الزبير بن العوام، وانظر في السبل (٢/ ٤٥٢)، من رواية ابن اسحاق وابن جرير والبيهقى.