للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولتحذيرهم من الاستمرار في الغى والاضطهاد من ناحية أخرى، وهو المؤدى إلى إهلاكهم كإهلاك من كانوا أشد منهم قوة وبطشاً. لذلك قال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٩) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١)} [الأنعام: ١٠٩ - ١١١].

{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} (١) [الإسراء: ٥٩].

وقد روى الإمام أحمد كذلك من حديث ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: سأل أهل مكة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن ينحى عنهم الجبال فيزدرعوا، فقيل له إن شئت أن تستأنى بهم وإن شئت أن تؤتيهم الذى سألوا فإن كفروا هلكوا كما أهلكت من قبلهم من الأمم. قال: «لا با استأنى بهم»، فأنزل الله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} (٢) [الإسراء: ٥٩].

الاعتداء والتعذيب والاضطهاد لبقية المسلمين:

إذا كان ما مضى ذكره شيء مما حدث للنبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن بقية المسلمين ذاقوا من ذلك الأمرين، وقد ذكرت السيرة شيئاً مما كان نذكر بعضه لنكمل به هذا البحث، ولننظر إلى كلام "وات"، المتهافت بعد ذلك.


(١) انظر ابن كثير، البداية والنهاية (٣/ ٥٥).
(٢) انظر أحمد، المسند وعليه الفتح الربانى للساعاتى (٢٠/ ٢٢٢ - ٢٢٣)، من طريقين رواهما ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٥٧)، بإسناد جيد، وهكذا رواه النسائى من حديث جرير، وأورده ابن كثير في تفسير الآية، ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبى وذكر الشامى في سبل الهدى والرشاد (٢/ ٤٥٨)، انه رواه أيضاً الضياء في صحيحه عن ابن عباس.

<<  <   >  >>