بخصوصيتها، أو بمقاديرها، ولم تخطر ببالهم كيفياتها، ولا كمياتها، بل وعدت بطريقة الإجمال في مثل قوله تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس: ٢٦]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حكاية عن ربه عز وجل:«أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر»(١).
وهكذا رأينا شيئاً من سيرة المسجد، سجلها التنزيل الإلهي، لتبين جزءاً من سيرة
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسيرة أصحابه المكرمين - رضي الله عنهم -، في قيامهم بتنفيذ هذه الأوامر، والتحقق بتلك الوصايا، فكانوا خير مثل لتلك السيرة العطرة، خلفاً للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يتركهم الوحي الرباني، حتى بَشَّرَهُم، بجميل فعالهم، وبَيَّنَ حُسْنَ عاقبتهم، وما ينتظرهم من عظيم الجزاء والأجر، في الدنيا والآخرة، وكان مصداق ذلك في الدنيا هو عاجل بشراهم.
(١) انظر أبا السعود، إرشاد العقل السليم، (٤/ ٩٤ - ٩٥)، وانظر أيضاً محمود الالوسى، روح المعانى، (١٠/ ٢٦٠ - ٢٦١)، وانظر الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، (١٨/ ٢٤٥ - ٢٥٠)، والحديث متفق عليه، البخاري كتاب بدء الخلق (٣٢٤٤)، مسلم كتاب الجنة وصف أهلها ونعيمها (٢٨٢٤).