للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أنواع التجارة؛ {وَلَا بَيْعٌ} أي: ولا فرد من أفراد البيوع، وإن كان في غاية الربح، وإفراده بالذكر مع إندراجه تحت التجارة، لتميزه بأن ربحه متيقن ناجز، وربح ما عداه متوقع في ثانى الحال، وكررت كلمة {لَا}. لتذكير نفى الإلهاء وتأكيده (١).

ما يلهيهم شئ - كما ذكرنا - عن ذكر الله تعالى بالتسبيح والتحميد، ولا عن إقام الصلاة، في مواقيتها، من غير تأخير، إقامة تامة، يستكملون فيها آدابها، ووسننها، وواجباتها، وأركانها، مع الخشوع فيها لله، وتعلق القلب بها، إذا فرغ منها يود أن يعود إليها، كما في الحديث: «ورجل قلبه معلق في المساجد ...» (٢).

وكذلك هؤلاء الرجال! لا يلهيهم شئ عن إخراج زكاة أموالهم، وإحسانهم للمستحقين، وكون إخراج الزكاة مما يفعل ايضاً خارج المساجد، ولكنه تنبيه على أن محاسن أعمالهم غير منحصرة فيما يقع في المساجد، وكذلك بقية الآية: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧)} فـ {يَخَافُونَ} صفة لرجال أي لاتفارقهم تحملهم على الاسراع إلى طاعة ربهم، والقيام بواجباته، وعدم الوقوع فيما يغضبه، ومن ثم لاتختص بالبيوت أيضاً بل هي حالهم الغالب عليهم، إذ هم يخافون أهوال وفزع ذلك اليوم الذى تضطرب وتتغير فيه القلوب والأبصار.

{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ} ..

متعلق بمحذوف، يدل عليه ما حكى عنهم من أعمالهم المرضية، فقد فعلوا ذلك كله، ليجزيهم الله تعالى {أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}.

أي: أحسن جزاء لأعمالهم بحسب ما وعدهم، ويتفضل عليهم بأشياء لم تُوعَدْ لهم


(١) انظر أبا السعود، إرشاد العقل السليم، (٤/ ٩٣ - ٩٤)، وابن عاشور، التحرير والتنوير (١٨/ ٢٤٨).
(٢) رواه البخاري، كتاب الأذان (٦٦٠)، رواه مسلم، كتاب الزكاة، (١٠٣١).

<<  <   >  >>