للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلمي، نظراً لوجود من يشكك في صحتها، حيث وصلنا إلى أن التشكيك بعد ذلك، يعد مجازفة كبرى، وتَسَرُّعاً في إصدار الأحكام، ومجافاة للأسلوب العلمي، فضلاً عن مخالفة الواقع، كما ذهب إلى ذلك من المعاصرين الأستاذ/ يوسف العش (١)، والأستاذ/ ضيدان اليامي (٢).

فالأول ذهب إلى أنها موضوعة، لأنها لم يروها إلا ابن إسحاق، بغير إسناد، والحقيقة - كما ذكرنا وأوردنا - غيرُ ذلك، والثاني: قال بأنها ضعيفة لا تصح، وينبغي عدم الاحتجاج بها، سوى ما ثبت لفظه أو معناه في أحاديث أخر، وجاء في الصحيفة (٣)، ومن ثَمَّ كان مهماً ما أوردناه، لنعلم حسن إسنادها لغيره، وأنها صحيحة صالحة للاحتجاج بها، في إثبات تلك السيرة من الوجهة التاريخية.

تاريخ كتابة الصحيفة:

ونتكلم فيه لأجل "وات"، حيث من طريقته - التي أشرنا إليها من قبل - تقطيع أوصال الحوادث، والاستدلال بكل جزء مبتور على زمان، أو على حكم، بحيث يخرج الحادث أو النص، من سياقه التاريخي، إلى تاريخ لا علاقة للنص به، بل ولم يقع فيه، - ويمكن أن يكون قد وقع قبل أو بعد ذلك بسنين متطاولة - ليصل إلى نتائج من السيرة وبواعث لها، قد أعدها سلفاً.

وهذا يجرنا إلى بحث الدكتور/ أكرم العمري، حيث انتهى فيه إلى أن الوثيقة في الأصل كانت وثيقتين، ثم جمع المؤرخون بينهما، لتشابه المواقف والأغراض، وكانت الأولى


(١) يوسف العش، الدولة العربية وسقوطها، حاشية ٩ ص ٢٠، وهي ترجمة للكتاب المذكور لفلهاوزن.
(٢) ضيدان اليامى، بيان الحقيقة في الحكم على الوثيقة وثيقة - المدينة.
(٣) د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية، ص ٣١١ - ٣١٢، حيث ذكر الردود كذلك على هذا الرأي.

<<  <   >  >>