للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي طليقة ترتفع إلى أقصى ما يطيقه البشر، لأنها تتطلع إلى تحقيق صفات الله الطليقة من كل حد، ومن كل قيد (١).

ويزيد ابن رجب الحنبلي في كتابه "لطائف المعارف" هذا الأمر توضيحاً وتفصيلاً فيقول من كلام طويل له: ولما كان الله - عز وجل - قد جَبَلَ نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أكمل الأخلاق وأشرفها، كما في حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (٢) فدل هذا على أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجود بني آدم على الإطلاق، كما أنه أفضلهم وأعلمهم وأشجعهم وأكملهم في جميع الأوصاف الحميدة.

وكان مثالاً لهذه الأوصاف، هو جوده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكان جوده يتمثل بجميع أنواع الجود، من ذلك العلم والمال، وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق، ومن إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم.

ولم يزل على هذه الخصال منذ نشأ، ولهذا قالت له خديجة - رضي الله عنها - في أول مبعثه: «والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق» (٣).

ثم تزايدت هذه الخصال فيه بعد البعثه وتضاعفت أضعافاً كثيرة.

وفي الصحيحين عن أنس، قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحسن الناس، وأشجع الناس،


(١) انظر سيد قطب، "في ظلال القرآن" (٦/ ٣٦٥٧).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري في بدء الوحي (٣)، ومسلم (١٦٠) في الإيمان: باب بدء الوحي برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

<<  <   >  >>