للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجود الناس» (١)، وفي صحيح مسلم (٢) عنه، قال: «ما سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الإسلام شيئاً إلا أعطاه، فجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم، أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة» (٣).

وإننا إذ نذكر مثلاً قليلاً لهذه الأخلاق، لنبين ما كان عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من علو الأخلاق التي بعث بها، مجبولاً عليها، حتى شهد بها أعداؤه شهادة من لم ير، ولم يسمع بمثلها فيمن ذكر بالسؤدد والشرف، فقد ذكر عن صفوان بن أمية، وهو من هو فضلاً وشرفاً وقيادة لقومه في معاداة النبي وحربه سنين طويلة، أعطاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين وادياً مملوءاً إبلاً ونَعَماً، فقال صفوان: "أشهد ما طابت بهذا إلا نفس نبي. (٤) "

ولمثل ما سبق، ويزيد عليه، يقول ابن رجب: وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده، فيعطي عطاء يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء، فيأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار.

ترى لو كان له غرض من تلك الأغراض الاستشراقية المفتراة، فما الذي كان يحمله على ذلك، وقد عرض عليه الكفار، الملك والمال، وشهوات الدنيا ولذاتها من النساء وغيره، فلم يعبأ بها، حتى ولو كانت الشمس والقمر عن يمينه وشماله، ما تراجع قيد شعرة


(١) أخرجه البخاري مطولاً رقم (٢٨٥٧) في الجهاد: باب اسم الفرس والحمار، ومسلم رقم (٢٣٠٧) في الفضائل: باب شجاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... وتقدمه للحرب.
(٢) رقم (٢٣١٢) في الفضائل: باب ما سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا قط فقال: لا.
(٣) انظر ابن رجب، زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن أحمد "لطائف المعارف"، ت ٧٩٥ هـ حققه ياسين السواس، دار ابن كثير دمشق، ط ١٤١٣ هـ ١٩٩٢ م (٣٠٥ - ٣٠٨).
(٤) انظر السابق.

<<  <   >  >>