للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ذلك؛ لأنه ليس له ذلك، عدم الوقوع دليل الصدق.

جاءته ابنته فاطمة عليها السلام تشتكي ما تلقى من خدمة البيت وتسأله خادماً يعينها يكفيها ذلك، فقال لها: (لا أعطيك وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم من الجوع.) وأمرها أن تستعين بالتسبيح والتكبير والتحميد عند نومها (١).

ويستكمل ابن رجب كلامه بقوله: وكان جوده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتضاعف في شهر رمضان على غيره من الشهور، كما أن جود ربه يتضاعف فيه أيضاً، فإن الله جبله على ما يحبه من الأخلاق الكريمة، وكان على ذلك من قبل البعثة. (٢) وهو ما يؤكد الذي ذهبنا إليه.

ذكر ابن إسحاق في سيرته عن وهب ابن كَيْسَان عن عبيد بن عمير، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجاور في حراء من كل سنة شهراً، يطعم من جاءه من المساكين، حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله به ما أراد من كرامته، من السنة التي بعثه الله فيها، وذلك الشهر شهر رمضان، خرج إلى حِرَاءَ، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله تعالى برسالته، ورحم العباد بها، جاءه جبريل من الله - عز وجل -.

ثم كان جوده في رمضان - بعد الرسالة - أضعاف ما كان قبل ذلك؛ فإنه كان يلتقي هو وجبريل - عليه السلام -، وهو أفضل الملائكة وأكرمهم، ويدارسه الكتاب الذي جاء به إليه، وهو أشرف الكتب وأفضلها، وهو يحث على الإحسان ومكارم الأخلاق.

ومن ثم كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا الكتاب له خُلُقاً بحيث يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه، ويسارع إلى ما حث عليه، ويمتنع عما نهى عنه؛ فلهذا كان يتضاعف جوده


(١) أخرجه البخاري (٢١٥/ ٦)، وأهل الصفة فقراء الإسلام لا يأوون على بيت ولا مال.
(٢) انظر ابن رجب الحنبلي "لطائف المعارف" (٣٠٨ - ٣٠٩).

<<  <   >  >>