للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَلَّته الآيات ناصعاً صالحاً خالداً لكل زمان، ناصحاً لكل مؤمن، كاشفاً عن دواخل الكفرة تلك المعانى التى نشير إليها فيما يلى:

الأول: أن القتال في الشهر الحرام كبير نعم - أي إثم كبير - كما يقال إنه كبيرة من الكبائر، ولكن الصد عن سبيل الله، الصد عن الإسلام والإيمان به والتزام أحكامه أكبر، أي أكبر الكبائر لما يترتب عليه من نشر الكفر وما يسستتبعه من فسق وانحلال من أوامر الشرع، ومن صد عن سبيل الهدى والتمسك بأحكام الإسلام، وشيوع محاربة الله ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودينه والمؤمنين به.

وإن إخراج المسلمين من مكة وصدهم عن المسجد أكبر كذلك من القتال في الأشهر الحرم فما الذى جعل أكبر الكبائر ينقلب في طرفة عين إلى أدناها وأصغرها في نظر الطغاة إلا مصالحهم الخاصة، ومحاربة الإسلام، والتشهير به، في الوقت الذى هم أولى بالتشهير بل بالقتال فيه، متى احترموا عهداً أو راعوا ذمة حتى يتباكوا على بعض قيم موروثة قد انتهكت، ومع أن الإسلام لا يقر انتهاكها، ذلك منطق الطغمة الفاسدة دوماً.

ودليل ذلك كله أنهم مستمرون وأمثالهم في خطتهم الأصلية في محاربة المسلمين وصدهم عن دينهم بكل وسيلة إلى أن يعودوا إلى الكفر، أو سحق المسلمين حتى لا تقوم لدينهم قائمة، وما أشبه اليوم بالبارحة، ولذلك تابعت الآيات التوجيه والنصح وتفطين المسلمين إلى واقعهم فقال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: ٢١٧] (١).

الثاني: وفي نفس السياق الذى وضح به المولى سبحانه للمؤمنين موقف الكفار الدائم منهم أرسل إليهم التحذير الشديد من الهزيمة أمام القوى الباغية، والتفريط في الإيمان


(١) انظر محمد الغزالى، فقة السيرة (٢١٦).

<<  <   >  >>