وأرجف اليهود والمنافقون في المدينة قصد إشعال الفتنة، وفي هذه الغمرة من الأسى، والتثريب والعتاب والإرجاف من الأعداء، نزل الوحى حاسماً هذه الأقاويل ومؤيداً مسلك عبد الله تجاه المشركين، وموضحاً سلامة موقفهم.
فكان في هذا العذر لأصحاب السرية ما سرى عنهم، وعن المسلمين ما كانوا فيه من كرب وغم، وقبض الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الغنائم، وفادى الأسيرين من قريش بشرط رجوع سعد بن أبى وقاص، وعتبة بن غزوان إذ خرجا عن السرية لبعير لهما نَدّ، فخشى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قريشاً عليهما.
إن الضجة التى افتعلها المشركون لإثارة الريبة والغبار في سيرة المقاتلين الناصعة الشريفة لهى ضرب من قلب الباطل حقاً، والتغطية على مواقف الخزى من الطغاة ببعض تصرفات المظلومين الحقة.
إن الحُرمات المقدسة كافة قد اُنتهكت في محاربة الإسلام واضطهاد أهله، فما الذى أعاد لهذه الحُرمات قداستها فجأة، فأصبح انتهاكها معرة وشناعة؟!
ألم يكن المسلمون مع نبيهم مقيمين في البلد الحرام، والأشهر الحرام حين كانوا يعذبون وتنتهك أعراضهم وتسلب أموالهم، وحين قتل منهم تحت التعذيب من قتل، وحين تقرر قتل نبيهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هل لمثل هؤلاء أن يتأسفوا على انتهاك القيم والأعراف ومنذ متى كانوا حراسها والقائمين على مراعتها وحمايتها، إنهم الملأ المبطل في كل زمان ومكان.
أوضحت الآيات القرآنية الكريمة، من ضمن ما أوضحت سيرة هذه السرية - لأنها بينت وأشارت إلى أمور كثيرة أخرى أعم من جزئية الكلام على تلك الحادثة - وأول ما