سَفَوَان من ناحية بدر ولكنه كان قد أفلت من المطاردة، ولكن الحادث أكد للمسلمين على ضرورة بسط سيطرة المسلمين مع جيران المدينة إسلاماً أو موادعة أو غزواً
سرية نخلة:
كما أسلفنا القول كانت طرق مكة التجارية إلى الشام كلها تحت الرصد والمهاجمة، ولم يبدأ المسلمون بحصار طريقهم إلى اليمن إلا في هذه السرية، حيث بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الله بن جحش في رجب على رأس سبعة عشر شهراً من الهجرة، ومعه ثمانية رهط وكتب له كتاباً وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين إمعاناً في السرية وحتى لا يعلم أحد وجهته.
ففض الكتاب كما أمر فوجد فيه الأمر بالتوجه حتى ينزل نخلة بين مكة والطائف ليرصد بها قريشاً ويعلم من أخبارهم، وألا يستكره أحداً من أصحابه فمضوا جميعاً، وعندما نزلوا نخلة جنوب مكة كان ذلك في آخر شهر رجب المحرم، ولكنهم تعرضوا لقافلة لقريش فظفروا بها، وقتلوا قائدها وأسروا اثنين من رجالها وعادوا إلى المدينة. (١)
كان عبد الله بن جحش يدرك خطورة الأمر في أن يقاتل في نهاية رجب المحرم القتال فيه عند العرب، أو يتركهم، ليدخلوا حينئذ الحرم فيمتنع القتال أيضاً، ولكنه تشاور وأصحابه، فعزموا على قتالهم في آخر رجب.
رجع عبد الله بن جحش إلى المدينة بالغنائم والأسيرين، فأبى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يتسلمها، لأنه لم يأمر بقتال في الشهر الحرام وأوقف التصرف في العير والأسيرين، بلغت إشاعات قريش الجزيرة كلها بأن محمداً يستحل هو وأصحابه القتال في الشهر الحرام، ويسفكون فيه الدماء، وأنهم أخذوا الأموال والأسرى، وكثر في ذلك القيل والقال
(١) انظر الغزالى، فقة السيرة (٢١٥ -)، د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية (٣٣٣)، د. أكرم العمرى، السيرة النبوية (٣٤٧)، د. محمد أبو شهبة، السيرة (٢/ ١١٩ - ١٢٢)، ابن هشام، السيرة النبوية (٢/ ١٧٩ - ١٨٢).