للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للبعض التناقض بين الشريعة الآلهية ودعوة محمد»، والرد سهل يسير وهو إن الشريعة ودعوة سيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هي أمر واحد موحى به من عند الله تعالى لا فرق بينها.

أما هذا التناقض فمن وات نفسه، إذ هدف لايجاده بتفسيره الخاطئ (أو متعمد الخطأ) للنصوص في هذه السرية، إذ السرية للرصد وللاستطلاع من أخبار قريش فجعلها لنصب كمين، وهو ما يسمية دعوة محمد للتضحية في سبيل الله، وعدم قبوله الخمس وهو الشريعة الآلهية فجعل ذلك تناقضاً (١)، ونسبه للبعض الذين أخفى إعلامهم، لأنهم في الحقيقة غير موجودين، لأن القصة التى حضروها وعلموها غير ما اخترعه وات وألفه، وبالتالى لم يوجد عندهم ما ادعاه وات، ليلمز به الشرع والدعوة، وأن ذلك ليس وحياً في النهاية إلى آخر ما اهتم به وات وسعى إلى اثباته بخيله ورجله. ويكفى أنه خالف الواقع المنصوص وكتب وأرخ خلافه لو سمينا ذلك باسمه الصريح لقلنا يكفيه كذباً.

وفي نهاية القول في تردد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قبول الخمس ذكر وات أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان عليه أن يحترم معتقدات قسم كبير من أصحابه، وما ينشأ عن ذلك من صدى يهدد سلطته كنبى. (٢)

وهذا كلام لا يحتاج لرد لأن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن ليعبأ بمعتقدات العالم كله لو كانت مخالفة لوحى الله له، وأمر دعوته في مكة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشهر شيء في التاريخ، وكذا في المدينة، وأيضاً موقفه الحاسم مع اليهود والنصارى وغيرهم.

وإن التاريخ لمثل كلام وات على طريقة وات نفسه لابد أن يدخل فيها، تردده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قبول الخمس حتى لا تتهدد سلطته كنبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وها قد قبل الخمس هل تهددت سلطته كنبى


(١) انظر عبد الله النعيم، الاستشراق في السيرة النبوية (٢٤٩).
(٢) وات Mohammad AT Medina p.٩.

<<  <   >  >>