لقد رأينا العكس بما يكذب كلام وات ويدحضه، ويبطل في نفس الوقت فهمه للتاريخ وتحليله له ثم ما موقف هذا القسم الكبير من أصحابه الذين لم يحترم معتقداتهم، بعد هذه المخالفة الصارخة منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهذه المعتقدات، إنه شيء معيب للغاية أن يصل تحليل وات إلى هذه الدرجة، لأن هذا القسم الكبير من أصحابه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاشك لهم اليد الطولى إذن، وهو ما يفرض معتقداتهم، هل حدث شيء من ذلك همساً أو سراً أو علانية؟
إن الإجابة التى لا نحيد عنها أن معتقداتهم هي ما علمهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من معتقدات، بل سبيلهم ظاهراً وباطناً هي سبيله {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣].
والأمر الثاني في قصة السرية هي موقف سعد بن أبى وقاص، حيث سارع وات وتهور فلمزه - رضي الله عنه - وأساء إليه بما اخترع من حكايات مجافية للواقع والحقيقة تجعل الرد عليه ضرباً من تضييع الوقت، مع حزن النفس وتبرمها بمثل هذا التعصب والتطاول وغير ذلك من الافتراءات التى تلبس ثوب العلم والحياد.
وإن الرد عليه يدخل فيما سبق أن رددنا، وإن كان قد أساء إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما سلف النقل عنه، فلأن يسيء إلى أحد أصحابه بمقالات السوء تلك غير مستغرب ولا مستبعد وما اختار من السرية إلا سعداً - رضي الله عنه - إلا ليكمل له الإساءة إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودينه وأفضل أصحابه المبشرين بالجنة، وبالتالى لا يحتاج الكلام إلى توضيح، وإلى فهم المراد.
تحويل القبلة:
في نهاية تلك الأحداث التى وقعت قبل غزوة بدر الكبرى، جاء حادث تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة في مكة، وهو ما نختم به تلك الفترة قبل الخوض في موقعة بدر كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -