للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لحاطب: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدراً والحديبية» (١).

وأما العطاء المادى في الدنيا فكانوا المقدمين فيه، فعندما سجل عمر - رضي الله عنه - الجند في الدواوين التى أسسها في الدولة الإسلامية كانوا الطبقة الأولى التى تأخذ أعلى العطاء، وها هي دواوين السنة والرجال توشى صفحاتها الأولى بأسمائهم ومناقبهم مكرمين بذلك على مر الدهور والأعصار (٢) مرضيين برضا الله عنهم، ومزدادين رضا بترضى كل من يترضى عنهم إلى يوم القيامة رضى الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.

وما ذِكْرُنا لهذه القيمة - نحن غير أهل لذلك - إلا لنبين قليلاً مما قدموا بما وفقهم الله له، واختصهم الله تعالى به، ونسوق منا شيئاً ليتدبر المؤمنون اليوم سيرتهم فيثوبوا إلى مجدهم وعزهم، ولينظر المستشرقون إلى تفسيراتهم للوقائع بما يخالف الحقيقة ويجافى الحق ويناقض العقل والمنطق.

وأول ذلك: هو رفعهم للعقيدة واستعلاؤهم بها (٣)، فكانت الدافع لهم والمحرك في كل ما يأتون ويذرون، فكانوا مستعلين بها فوق ما يدعى المستشرقون من مصالح مادية أو منافع دنيوية أو غيرها، وإنما رفع الإسلام بالنصر أو الشهادة، إذ كيف يعن أو يقع في تفكير هؤلاء أن يحصلوا في معركة غير متكافئة غير الهزيمة والقتل أو الإعطاء باليد.

الثاني: الوفاء بالبيعة مع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيعة العقبة - ولم يمنعهم شروط الوثيقة بأن نصر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والقتال معه لمن دهم يثرب، بل قالوا لو خضت البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد.


(١) مسلم (٤٥٥١).
(٢) انظر د. أكرم العمرى، السيرة (٣٧١).
(٣) انظر د. أكرم العمرى، السيرة (٣٧٠).

<<  <   >  >>