للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأنفال منهم وجعلها لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفرقها بينهم كما نزل به القرآن الكريم، وكما أمر الله تعالى، وما كان منهم إلا أن قالوا سمعنا وأطعنا.

وكان تقسيم الغنائم بالصفراء مرجعهم إلى المدينة، وقسم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لتسعة من المؤمنين تخلفوا عن الغزوة بما يعلم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه لولا عذرهم لحضروا وشاركوا، منهم عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، كان يقوم على تمريض زوجه رقية بنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفيت وهم راجعون من بدر فلم يتمكن من الحضور رضى الله عنهم أجمعين.

موقعة بدر، القيمة والنتائج:

أما قيمة غزوة بدر فقد استحق المقاتلون فيها لقب «بدرى»، فكانوا الطبقة الأولى من الصحابة حيث جاءت أحاديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسيرته وسيرة خلفائه من بعده لتبين فضلهم في الدنيا، وعلو مقامهم في الجنة، فأما ما ورد من سمو منزلتهم في الجنة ما رواه البخاري في قصة حارثة بن سراقة الذى أصابه سهم طائش يوم بدر، وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة منى، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب وأن تكن الأخرى ترى ما أصنع. فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ويحك - أو هبلت - أو جنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس» (١).

وتبين قصة حاطب جانباً آخر يضاف إلى الجانب المتقدم، وملخصه أن حاصب بن أبى بلتعة - رضي الله عنه - قد حضر بدراً، وفي فتح مكة أرسل إلى قريش من يخبرهم خبر غزو الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم ولكونه بدرياً عفا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه قائلاً لعمر عندما أراد قتله: «لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم» (٢). ولما قال عبد


(١) البخاري (٣٩٨٢).
(٢) مسلم (٤٥٥٠).

<<  <   >  >>