للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو بين رهط من آسريه الأنصار - أنهم كانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوه بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأسرى. حتى ما تقع في يد أحدهم خبزه إلا ناوله إياها فيستحى فيردها على أحدهم، فيردها عليه ما يمسها. (١)

تلك أخلاق النبوة والرسالة التى حملت الإسلام إلى الدنيا، فكان فيه سعادة الدنيا والآخرة.

الغنائم:

ونحن عندما نتكلم عن الأسرى فإن الموضوع الذى ارتبط بها شرعاً وحياً وواقعاً هو موضوع الغنائم، الذى لم يكن لها حكم من قبل، ومن ثم كان عرضة لإختلاف وجهات النظر بين الصحابة الذين حضروا الوقعة، والحديث المروى من جانب كتاب السيرة الذى يبين الحادثة هو حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - إذ يقول: «خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فشهدت معه بدراً فالتقى الناس، فهزم الله تبارك وتعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم، يهزمون ويقتلون، وأكبت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا، فنحن نفينا عنها العدو، وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخفنا أن يصيب العدو منه غرة، وإشتغلنا به، فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١]، فقسمها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بواء بين المسلمين أي - بالتساوى (٢)، أخذ الله تعالى


(١) ابن اسحاق - ابن هشام، السيرة (٢/ ٢١٢ - ٢١٣)، وهو مرسل، وقد أسلم كثير من هؤلاء الأسرى بعد ذلك، وحسن أسلامهم وكانوا العضد والنصير المضحى بنفسه وماله في سبيل الله تعالى. انظر د. مهدى رزق الله، السيرة (٣٦١).
(٢) عون المعبود (٢٣٦٠)، تحفة الأحوذى (٣٠٠٤).

<<  <   >  >>