للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإخلاص والتوكل، ومحاسن الأعمال القالبية الظاهرة من الصلاة والصدقة (١)، فلا جرم كانوا أحرياء بأن يكونوا هم المؤمنين حقاً. كما ختمت الآيات بذلك، لتشتد في التأكيد على صفات المؤمنين؛ التى ينبغى ألا يفرطوا فيها ظاهراً أوباطناً، سراً وعلانية، ببيان ثوابهم عند الله: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: ٤].

لا شك كان ذلك كله العون والمدد على تحقيق أهداف الرسالة، وإعادة صياغة هؤلاء المؤمنين، وتنبيهاً على ما يجب أن يكون، وتحذيراً من مخالفته فيما سيكون، ثم بدأ القرآن الكريم بعد هذا النمهيد الضخم، في قص سيرة بدر، موزعاً في تضاعيفها ذلك التمهيد الضخم بما يتناسب مع كل مشهد منها في سياقات بصياغات جديدة غير متكررة من الفهم والشحن والاصلاح والاعداد، ونبدأ في أول المشاهد التى قصها القرآن وهي قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: ٥ - ٦].

وبالتأمل في هذه الآيات نرى إجمالاً هذه الامور:

١ - أن الله سبحانه هو الذى أخرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بيته من المدينة، أو من المدينة محاطاً متلبساً بالحق في هذا الخروج، فلم يكن ليأمر ربه ليخرج بغير حق، لنعلم أن العير أو النفير التى أخرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لملاقاتها كان محقاً تمام الحق في ذلك ولو كره المستشرقون الذين ذكروا باطلهم بأن خروجه لقطع الطرق وغيرها من قبيح الأوصاف المخالفة للواقع.

٢ - أن فريقاً من المؤمنين كرهوا الخروج لملاقاة جيش قريش (النفير)، لنفرة الطباع عن القتال أو لعدم الاستعداد لملاقاة الكفار، وهذا عن الصحابة بعد البذل


(١) انظر أبا السعود، ارشاد العقل السليم (٢/ ٣٤٢)، والالوسى، روح المعانى (٦/ ٢٤٢)، وغيرها.

<<  <   >  >>