للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتضحية منهم يدل على أنه ليس داخلاً تحت الاختيار؛ فلا ينتقص من منصبهم وقدرهم، لأنهم هم الذين واصلوا إلى النهاية حتى نصرهم الله تعالى.

٣ - ذكرت الآيات كذلك جدالاً من هؤلاء الكارهين للقتال والذى سماه المولى سبحانه وتعالى: {الْحَقَّ}، فمتى علموا أنه الحق أي الخروج لملاقاة النفير؟ لا شك قد بين لهم الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن الحق في ملاقاتهم للنفير وبأنهم سينصرون.

٤ - ما زالت النوازع الانسانية في مثل هذا الحال الذى لا يظن، بل لا يتخيل معه النصر لأنهم لم يتخذوا أسبابه تهتف بهم أن ذلك ليس إلا سوقاً إلى الموت.

ونحلل ما ذكرنا من الآيات الكريمات، فنجد ..

أن الكاف في قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ}، للتشبيه وهو تشبيه حال بحال متصل بما قبله، وهو بتقدير مبتدأ محذوف هو اسم إشارة لما قبله تقديره: هذا حال بحال ما أخرجك ربك من بيتك بالحق، ووجه الشبه هو كراهية المؤمنين في باديء الأمر لما هو خير لهم في الواقع (١)، سواء الأنفال أو ملاقاة النفير.

والمعنى أن الله أمره بالخروج إلى المشركين ببدر أمراً موافقاً للمصلحة في حال كراهة فريق من المؤمنين ذلك الخروج.

وقد أشار هذا الكلام إلى خروج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موضحاً السبب، وهو أن أبا سفيان بن حرب قد عاد من الشام بعير قريش وفيها أموال عظيمة ندب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسلمين إلى الخروج إليها، لعل الله أن ينفلها إياهم تعويضاً بشيء مما سلبه المشركون من أموال المسلمين


(١) وهناك غير ذلك من الأوجه، حيث ذكرنا أولاها انظر الفخر الرازى، التفسير الكبير (٧/ ٤٤٥)، أبا السعود، ارشاد العقل السليم (٢/ ٣٤٣)، الالوسى، روح المعانى (٦/ ٢٤٥ - ٢٤٦)، والطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير (٩/ ٢٦٣ - ٢٦٤).

<<  <   >  >>