٣ - إن السيرة القرآنية تجسيد حىٌّ وباق وثابت وصحيح لا مرية فيه ولاشك مع ملابساته وظروفه وفقهه وأحكامه ونظراته وعبره من وجهة النظر التى لاشية فيها وجهة نظر الشرع الشريف، أو كما أراد رب الكون ان تصل لعبادة أجمعين.
٤ - إن ميزة هذه السيرة أن من وراء قصصها يظهر الترتيب الإلهى لكونه سبحانه وتعالى، وأنه يسير وفق نظام لا عبس منه، بل فيه الحكمة والتقدير والقضاء، الذى لا يصل المؤمنون إلى كفه المراد منه إلاعن طريق مدبره ومسيره سبحانه وتعالى، وكانت سيرة غزوة بدر خير مثال لذلك كله وأكثر منه تم عرضه، لم يكن منه شىء في السيرة القصصية.
٥ - إن ملء السيرة القصصية التى وردت في الآثار بتلك السيرة القرآنية ليُدَشِّنَ المجموع الكامل لسيرة النموذج الأعلى للبشرية - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث تكتمل بذلك الصورة المطلوبة لتحقيق هذا الدين كما أراد الله سبحانه وتعالى، وكما تشخصت فيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
٦ - وكان من نتائج البحث الجديدة أن الله تعالى لم يبعث سيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا وهو المثال الأعلى للخلق العظيم، في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤]، وهي من أول ما نزل من القرآن مما يبين أن سيرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها إبتداء وتمهيد وترتيب لم يبعث إلا وقد استكمله له ربه، وهو أمر متناسب مع الواقع إذ كيف ترجو دعوة إلى مكارم الأخلاق والداعى لها ليس صاحب المكارم العليا في الأخلاق في الدنيا كافة، أو هناك من يتميز عنه بشيء من ذلك، لم يحدث واقعاً ولا يقبل عقلاً، ولم نسمع بمن زاد عليه في شيء، وهو الأمر المهم للدعاة من ساعتها واليوم وكل يوم أن تكون أخلاقهم على أعلى ما يستطيعون ليحققوا ما يصبون إليه من علو لهذا الدين، ومن نجاة لأنفسهم.