للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن في هذه الآية من تعظيم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والتنويه به ما ليس في غيرها. انتهى ملخصًا. (١)

وهذا ما أشار إليه بعضهم بقوله: صلاة الله على خلقه خاصة وعامة، فهي على أنبياءه الثناء والتعظيم، وعلى غيرهم الرحمة فهي التي وسعت كل شيء. (٢)

ذكرنا فيما سبق من حقوقه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة والسلام - عليه حيًا وميتًا؛ وأن ذلك لتحصيل جزيل الثواب وعظيم الأجر، وكان هذا الحق سيرة أصحابه الكرام - حيًا وميتًا، وكذلك ديدن المؤمنين المتقين إلى يوم القيامة، وكان هذا الحق أثرًا من آثار محبته التي هي من محبة الله تعالى وقد شاع بين المؤمنين بسببه حينئذ تعظيم الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واحترامه في ندائه وخطابه وجميع معاملات المؤمنين معه من قبل، ولكن كان لابد من توثيق هذه الحقوق والآداب، والتأكيد عليها، ليقوم بها الموجود وليعلمها من لم يعايشها، والمؤمنون من بعد، وكان ما ارتكبه جفاة الأعراب من وفد بني تميم من نداء الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وراء الحجرات سبب نزول هذه الآيات تحمل بيان تلك الآداب في سورة تسمت بذلك - سورة الحجرات - لتكون منشور تلك الأخلاق السامية إلى يوم الدين، وكانت هذه السورة من أواخر ما نزل إذ نزلت سنة تسع للهجرة، قرب ختام البعثة المحمدية لتكون دليلاً على علو درجة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأن دنو لحوقه بالرفيق الأعلى لا يمنع من نزول قرآن يتلى، ويتردد على مسامع الخلق يؤكد صحة النبوة وصدق الرسالة في تبيين الرب سبحانه لحقوق نبيه وخلودها، وإظهارًا لسمو منزلته، ورفعة مكانته، إذ لا يمكن أن تكون تلك التوجيهات لمن هم في عالم


(١) ابن حجر الهيتمي "الدر المنضود" (٢٥ - ٢٧).
(٢) ابن قيم الجوزية "جلاء الأفهام" (١٥٧) ط ٢ دار العروبة تحقيق عبد القادر وشعيب الأرناؤوط ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م.

<<  <   >  >>