الإنكليزية، بعد اعتزال السير ألدن غورست، ومجئ لورد كتشنر في عام ١٩١١ , نهجا في الحكم قويًا دام حتى أعلنت الحماية الإنكليزية على مصر في ١٨ ديسمبر سنة ١٩١٤. وفي اليوم التالى أعلن الإنكليز خلع عباس حلمى وتولية عمه حسين كامل مكانه، وتلقيبه بسلطان مصر. وأصدر شيخ الإسلام في الآستانة وقتئذ فتوى دينية يعلن فيها أن الحاكم الجديد خائن لقضية الإسلام وأنه يستحق القتل وتجب محاربته (انظر نص الفتوى في كتاب، Hilfsbuch Pür Vorlesungen über: Jacob das Osmanische Turkische جـ ٢، طبعة برلين ١٩١٦ , ص ٤٦).
ولم تكن مصر في أثناء الحرب الأوربية الماضية [الأولى] إلا حلقة في سلسلة الخطط الحربية الفنية للإمبراطورية البريطانية. وأصبحت من ٦ نوفمبر سنة ١٩١٤ في حالة حرب مع تركيا، ولكن إنكلتره هي التي تولت الدفاع عن الأراضى المصرية. وأجلت جلسات الجمعية التشريعية، وأعلنت في البلاد الأحكام العرفية وكانت نتيجة هذه الحرب بالنسبة لمصر انفصام الرابطة السياسية بينها وبين تركيا انفصامًا نهائيًا بمقتضى معاهدة لوزان (٢٥ مايو سنة ١٩٢٣) التي لم تشترك مصر في توقيعها. لكن هذه الحرب كان لها في مصر أثر أعظم من الأثر السابق، ألا وهو انتعاش الحركة الوطنية من جديد. فقد تجمعت في البلاد أسباب عدة أدت إلى إثارة المعارضة للحماية البريطانية، منها المطالب الباهظة التي فرضت على المصريين في أثناء الحرب، ومنها ازدياد عدد الموظفين البريطانيين، ومنها أن مبادئ الرئيس ولسن شجعت المصريين على المطالبة باستقلالهم السياسى، وكان الوطنيون في هذه المرة تؤيدهم طائفة من الأهالى أكبر عددًا ممن كانوا يؤيدونهم من قبل، فقد عاد الأقباط مرة أخرى إلى صفوف الوطنيين، بل إن الدوائر الأزهرية نفسها أخذت تشجع الدعاية الوطنية، وتزعّم هذه الحركة سعد زغلول باشا، وكان قبل الحرب ناظرًا للحقانية ومعروفًا باعتدال آرائه السياسية. غير أن ما لاقته المطالب الوطنية في لندن من عدم الاكتراث حمل المصريين على أن