عقدها تصرف الحاكم المستقل، وإن كان من الوجهة الرسمية تابعًا للسلطان. أما إنكلترة فإن توطد أقدامها في السودان قد قوى سلطانها على وادي النيل.
وقضت هزيمة عرابى على الحركة الوطنية إلى حين، فلم تكن حتى آخر أيام لورد كرومر عاملًا سياسيًا عظيم الخطر في مصر، ونشأ في خلال تلك الأيام جيل جديد من المصريين وجد في الشاب مصطفى كامل باشا زعيمًا له، (مات مصطفي كامل في ١٠ فبراير سنة ١٩٠٨ في الرابعة والثلاثين من عمره) فأصدر في سنة ١٨٩٩ صحيفة اللواء، وأصبح عام ١٩٠٧ أول رئيس للحزب الوطنى. وكان هذا الجيل الجديد من الوطنيين متأثرًا كالجيل السابق بنفوذ فرنسا الثقافي. ولكنه كان أكثر منه عدة. ولما بدءوا حملتهم الجديدة وأخذوا ينادون بأن تكون "مصر للمصريين" أظهروا الشئ الكثير من الاعتدال، وابتعدوا عن الأفكار الثورية. ولما حل سير ألدن غورست محل لورد كرومر (١٩٠٧ - ١٩١١) أصبح موقف بريطانيا من الحركة الوطنية مشكلة من مشكلاتها السياسية. وأظهرت حادثة دنشواى التي وقعت في عام ١٩٠٦ أن شعور الكراهية لإنكلترة لا يزال عظيم الانتشار بين المصريين. ومع أن المذنبين قد عوقبوا أقسى عقاب فإن العميد الجديد اختط لنفسه خطة سياسية قائمة على استرضاء الشعور الوطنى. غير أن هذه السياسة الجديدة لم تؤد إلى النتيجة المرغوبة، فقيدت حرية الصحافة من جديد في عام ١٩٠٩، وأغلق الجامع الأزهر فترة من الزمن بسبب المظاهرات التي قام بها طلابه ضد الإنكليز. وحدث في ٢٠ فبراير من عام ١٩١٠ أن اغتيل ناظر النظار القبطى بطرس باشا غالى (وكان سعد باشا زغلول وقتئذ أحد هؤلاء النظار) بيد شاب وطنى مسلم، فأثارت هذه الحادثة الشقاق بين عنصرى الحزب الوطنى المسلمين والأقباط، وكاد هذا الشقاق يؤدى إلى اضطرابات خطيرة. وفي ذلك العام نفسه رفضت الجمعية العمومية أن تمد أجل امتياز قناة السويس بعد عام ١٩٦٨. وكان من أثر هذا أن نهجت السياسة