للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بهذه الطريقة قد قسمت فيها تقسيما هو أبعد ما يكون عن المساواة. فالفلاحون لا يزالون فقراء مثقلين بالدين. أما الطبقات فأولها طبقة الملاك (وبخاصة طبقة الباشوات الأتراك - المصريين؛ انظر القسم رقم ٤ من هذا المقال) ويليها طبقة الأجانب الأوربيين، وهم أحسن حالا من أهل البلاد، لأن الامتيازات تعفيهم من جميع الضرائب (١) وكانت فضلا عن ذلك لا تسمح بزيادة الضريبة الجمركية على الواردات إلى أكثر من ٨ % (٢).

وكانت التجارة الداخلية هي الأخرى معقدة في أيام محمد على. فقد كان يلزم الفلاحين بأن يشتروا منه بأثمان مرتفعة المحصولات التي كان يبتاعها منهم بأثمان تقل عن الأثمان التي يشترونها بها. وقد وصفها في عصر سعيد باشا فون كريمر وصفا مسهبا (جـ ٢، ص ٢١٢ وما بعدها). وكانت لا تزال هذه التجارة محتفظة بكثير من مظاهرها القديمة بالرغم مما تأثرت به من أساليب التجارة الأوربية. ونخص بالذكر من هذه المظاهر القديمة نظام الأسواق التي لا تزال الحركة التجارية فيها منتعشة نشيطة (ومن أمثلة هذه الأسواق سوق خان الخليلى في القاهرة) وإن كانت مظاهر الحياة فيها لم يبق لها ما كان لها في الماضى من روعة وجمال كما أن السلع التي فيها كانت قد انحطت عما كانت عليه من قبل.

[٤ - السكان]

يدل الازدياد السريع في عدد سكان مصر منذ بداية القرن التاسع عشر دلالة واضحة على أن أحوال المعيشة فيها قد تحسنت كثيرًا عما كانت عليه من قبل. فقد تضاعف عددهم تقريبًا في الفترة المحصورة بين الاحتلال الفرنسى وحكم سعيد (زاد هذا العدد


(١) عدا ضريبة الأطيان والعقارات والضرائب الجمركية وقد انقضى عهد الامتيازات بعد عام ١٩٣٧.
(٢) لم يكن سبب هذا التحديد هو الامتيازات الأجنبية بل كان سببه المعاهدات التي ارتبطت بها مصر مع الدول وقد انتهت كلها في عام ١٩٣٠ وأطلقت يد مصر في فرض الضرائب الجمركية بما يتفق ومصالحها.