للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[طرفة]

طَرَفة بن العبد البكرى: يعد بإجماع النقاد العرب من فحول شعراء الجاهلية ومن ناظمى القصائد الطوال المعروفة بالمعلقات، وهو فى الوقت نفسه من أوائل الشعراء المبرزين فى تلك الحقبة الذين بقى شعرهم. وشارحو المعلقة وشعره المجموع يستنبطون له سلسلة نسب متصلة يمكننا منها على أية حال أن نستخلص على التحقيق أنه إنما ينتمى إلى فرع من بكر من قبائل وائل. ويذكر اسم أبيه على أنه العبد بن سفيان. والاسم "العبد" هو على الراجح ليس إلا اختصارًا لاسم فيه معنى العبودية لرب من الأرباب. والتراجم التى ذكرها له مؤلفو العرب فيها إسراف زائد، وعادة ما تبذل محاولات لاستخلاص حقائق من أشعاره؛ والذى يبدو أشد قربًا من الواقع أنه كانت له صلات ببلاط ملوك الحيرة وخاصة بالملك عمرو بن هند الذى حكم على وجه التقريب من ٥٥٤ إلى ٥٦٨ م. وكانت منازل قبيلة الشاعر تقع فى الجنوب الشرقى من الجزيرة العربية، فى البحرين واليمامة، ويظهر أيضًا أنها كانت موطن الشعراء العرب الأولين الذين نملك عنهم جانبًا من المعلومات التى يعول عليها. ومن المحتمل أن الشعر العربى كما نعرفه قد انتشر من هذا المكان من الجزيرة العربية.

واتصل طرفة كما تحدثنا رواية تشوبها الأساطير، بالمُسَيَّب بن عَلَس الشاعر الذى كان متقدمًا عليه فى الزمن والذى يقال إنه أصلح له لحنا وقع فيه فى قصيدة له. وعلى العموم فعلماء التراث القديم من العرب يصفون طرفة بأنه من الشعراء الذين نبغوا نبوغًا خارقًا فى سن مبكرة، ويستدلون بقصيدة له (Ahlwardt، رقم ١) على أنه كان ما يزال صبيًا عندما نظم بعد موت أبيه أبياتًا يعيب فيها على أعمامه سوء مسلكهم مع أمه وردة (١).

وقد اختطفه الموت أيضًا صغيرًا جدًا، انتهى إلينا هذا استنتاجًا من بعض أبيات للخرنق -ويقال إنها كانت أخته- وهذه الأبيات تشير إلى أن عمره كان ٢٦ سنة (٢) كذلك يقال إنها كانت ابنة لرجل يدعى هفان، ومن ثم فإن الأكثر


(١) مطلعها:
ما تنظرون بحق وردة فيكم ... صغر البنون ورهط وردة غيب.
(٢) عددنا له ستا وعشرين حجة ... فلما توفاها استوى سيدًا ضخمًا.