سليل بيت من ملوك حمير، وكان لسيف شأن فى تاريخ العرب بمشاركته فى طرد الأحباش من جنوبى بلاد العرب بعد أن ظلوا غالبين عليه منذ عهد أبى نواس، وتقول رواية الأهلين هناك إنه استعان على رفع نير الأحباش الأجانب ببلاط الروم ثم ببلاط كسرى ملك فارس. على أن كسرى لم يشأ أن يغامر فى هذا المشروع البعيد التحقيق فاكتفى بتزويد سيف بطائفة من المجرمين الخارجين من السجون تحت إمرة قائد يدعى وهرز؛ وهزم سيف بمعاونتهم ومعاونة بنى وطنه الذين هبوا للخلاص من نير الأجنبى، القائد الحبشى مسروقًا، فأقامه كسرى أميرًا على قومه. ونخرج من هذه الرواية ومن طائفة من القصائد العربية، بحقيقة تاريخية هى أن سيف ابن ذى يزن غلب على الأحباش بمساعدة الملك الفارسى كسرى أنوشروان، وأطاح بحكمهم على اليمن وبسط سلطانه على أرض أجداده، ويمكن أن نرجع انتصاره هذا على الأحباش إلى سنة ٥٧٠ م أو نحوها، وينسب هذا الانتصار خطأ إلى ابن سيف:"معد يكرب".
ونحن نعلم من عدة مصادر أن التاريخ العربى لليمن قد درسه المسلمون هو وقصة سيف منذ مطلع الإسلام وما بعده، ومن ثم فليس بعجيب أن يحتل سيف مكانا فى المؤلفات العربية بفضل نضاله الموفق مع الأحباش الذين استفحل خطرهم. وقد شغلت الحرب بين العرب المسلمين والزنوج الأحباش الكفار فراغا كبيرًا فى قصة سيف بن ذى يزن. ويمدنا ملك الأحباش الذى كاد يجرى كفاحه مع سيف فى جميع صفحات هذه القصة، بمفتاح نستهدى به فى تبين تاريخ نشأة السيرة التى نحن بصددها، فهو يسمى سيف أرعد ويطابق بذلك اسم الملك الحبشى "سيف أرعد"، الذى نعرفه من التاريخ والذى حكم الحبشة من ١٣٤٤ - ١٣٧٢، ومن هذه الإشارة نخرج بواقعة على جانب كبير من الحقيقة، وهى أن نسخ السيرة الموجودة بين أيدينا ترجع إلى القرن