٤ - فترة ما بعد الخلافة. مع إحكام قبضة الحكم التركى والكردى على البلاد الإسلامية الوسطى والشرقية منذ القرن الخامس الهجرى/ الحادى عشر الميلادى فصاعدًا. زادت الألقاب الملكية والحربية والوزارية تعقيدا وتعظيما، وبعد انتهاء الخلافة فى بغداد وإنشاء المماليك لخلافة عباسية وصية فى القاهرة، صار منح الألقاب مسئولية ديوان الإنشاء المملوكى، مما أكسبه خبرة كبيرة فى هذه الأمور، وكان الترتيب الصحيح وعدد المكونات المختلفة فى ألقاب الحكام وكبار رجال الدولة أمرا حيويا فى الرسائل والاستخدامات الرسمية. وكانت الكتابات المختلفة التى يحررها كتاب الإنشاء والموظفون، والتى ترجع إلى عهد الفاطميين، ازدهرت فى عهد المماليك حتى صارت حضارة وثائقية عظيمة، تخصص مساحات كبيرة لصيغ الخطاب والألقاب، وفى أقدم هذه الكتابات وهو كتاب صبح الأعشى للقلقشندى، خصص الباب الأول من المقالة الثالثة للأسماء بجميع أنواعها ولكن مع التركيز على الألقاب التى بدأها المؤلف من بداية الإسلام إلى زمانه وهو القرن التاسع الهجرى/ الخامس عشر الميلادى. وقد ذكر القلقشندى عدة قوائم للألقاب، منها ما سماه ألقاب محدثة مثل النائب والساقى والمشرف والأوجقى وأستاذ الدابى والبندقدار والدوادار. . . الخ. وهذه الألقاب تدل على وظائف وليست ألقابا شرفية بالمعنى الذى نتحدث عنه.
ما يهمنا أكثر هو الصفحات العديدة التى كتبها القلقشندى عن بروتوكول المخاطبة الصحيحة ابتداء من مخاطبة الخليفة أو السلطان فنازلا مؤكدا على فروق دقيقة ورقيقة، فمثلا المجلس السامن (بياء مشددة) أعلى من المجلس السامى (بياء غير مشددة)، وكذلك المجلس القضائى أعلى من المجلس القاضى والمجلس القاضى والمجلس القضاوى أعلى منهما، وحتى الحكام والوجهاء من غير المسلمين لم يبخسوا حقهم فى الألقاب وإن كان على مستوى أقل بالطبع من الألقاب التى تمنح لنظرائهم من المسلمين، فقد كان لديوان