ولكن الشهرزورى قد أثبت فى هذا الباب منظومات أخرى تتفاوت طولا وقصرا.
[مذهب السهروردى فى حكمة الإشراق]
ليس من شك فى أن آثار السهروردى الكثيرة التى أثبتناها آنفا إن دلت على شئ فهى إنما تدل على ما كان عليه ذلك الحكيم الإشراقى من ثقافة فلسفية واسعة، وحكمة إشراقية رائعة، وعلى ما كان يمتاز به من نظر عقلى دقيق، وذوق صوفى رقيق. وليس من شك أيضا فى أن كتابه الموسوم "حكمة الإشراق" هو المرآة الصادقة التى تتجلى على صفحاتها عناصر مذهبه وخصائص عقله وذوقه: ذلك بأن هذا الكتاب هو أجمع مصنفات السهروردى لمذهبه، وأشملها للعناصر الإشراقية التى يتألف منها هذا المذهب, وأدلها على المعانى الحقيقية التى ينطوى عليها، والمنازع التصوفية والفلسفية التى ينزع إليها. ويتبين هذا كله إذا عرفنا أن كتاب "حكمة الإشراق" ينقسم إلى قسمين: قسم تناول فيه السهروردى المنطق، وجعله من القسم الثانى بمثابة التمهيد، إذ عرض فيه لأمور هى عنده مقدمات لمطالب فى القسم الثانى؛ وقسم خصصه للأنوار الإلاهية. وقد جعل السهروردى عنوان القسم الأول "ضوابط الفكر"، وجعله فى مقالات ثلاث: المقالة الأولى فى المعارف والتعريف، المقالة الثانية فى الحجج ومبادئها، والمقالة الثالثة فى المغالطات وبعض الحكومات بين أحرف إشراقية وبين بعض أحرف مشائية. وجعل السهروردى عنوان القسم الثانى "الأنوار الإلاهية، ونور الأنوار، ومبادئ الوجود وترتيبها"، وجعله فى مقالات خمس: المقالة الأولى فى النور وحقيقته، ونور الأنوار وما يصدر عنه أولا، والمقالة الثانية فى ترتيب الوجود، والمقالة الثالثة فى كيفية فعل نور الأنوار؛ والأنوار القاهرة، وتتميم القول فى الحركات العلوية؛ والمقالة الرابعة فى تقسيم البرازخ وهيئاتها وتركيباتها وبعض قواها، والمقالة الخامسة فى المعاد والنبوات والمنامات.