قريب فلم تكن أبدا جزءًا من الدولة المهدية- ويشكل عام ١٨٨٩ م نهاية المرحلة العسكرية للمهدية. وشهدت المرحلة التالية استقرار لحكم الخليفة المستبد داخل دولة ذات رقعة من الأرض تشمل من الوجهة العملية الأراضى التى يقطنها المسلمون والعرب من شمال السودان. ومن المراحل التى أدت إلى اضمحلال المهدية نضاليا هو المجاعة الكبرى التى تفشت فى الأعوام ١٨٨٨ - ١٨٩٠ م. وضاعف من أثر هذه المجاعة هجرة التعاليبة من أم درمان -وفى مارس عام ١٨٩٦ م سمحت الحكومة البريطانية لقوة من الجيش المصرى بالتقدم نحو إقليم دنقلة الذى يسيطر عليه المهديون. وكانت الحملة برئاسة السير هـ. هـ لكشنر الذى أنشأ خطا للسكك الحديدية كلما تقدم على طول نهر النيل من وادى حلفا. وفى نهاية سبتمبر ١٨٩٦ م كان الإقليم بأكمله قد تم احتلاله، وفى العام التالى سمح للكشنر بمزيد من التقدم وتم بناء خط حديدى آخر عبر صحراء النوبة ليصل إلى النيل عند أبى حماد ثم مد إلى الجنوب مع تقدم القوة المصرية الإنجليزية -وواصلت القوة تقدمها وتلقت الدولة المهدية ضربة قاضية فى معركة "كرّداى" وتسمى فى كثير من الأحيان معركة أم درمان (٢ سبتمبر ١٨٩٨ م).
٦ - مؤسسات المهدية: بعد النجاح الذى حققه الجهاد أصبح من الضرورى وجود جهاز مالى نظرا لأن المهدى كان يجد دائما مشقة فى منع رجال القبائل عن سلب الغنائم. وتم إنشاء بيت المال فى "قدير". وكانت مصادر الدخل فى ذلك الوقت تنحصر فى مصدرين هما الغنائم والزكاة التى تشمل الضريبة على الحبوب والماشية. وعلى الرغم من أن المهدى كان قد رسم لنفسه هدفا هو استعادة أمد الإسلام كما كانت عليه فى عهودها الأولى، إلا أن سرعان ما وجد نفسه مضطرا لاتخاذ قرارت تشريعية ونشر تعليمات إدارية تعد بمثابة تشريعات. والكثير منها نتج عن ظروف الحرب الثورية. وكان المهدى يتوسع فى تفويض كبار موظفيه بعض وظائفه