بعد وفاة على بن أبى طالب، أنّب أخاه الحسن على نزوله عن السلطان، وإن كان هو نفسه قد اضطر للأمر الواقع، وقد دعاه الشيعة عدة مرات حتى قبل وفاة الحسن، إلى الانتقاض على معاوية (مثل حجر بن عدى)، ولكنه كان يجيبهم دائما بقوله إنه مادام هذا الرجل (أى معاوية) حيَّا فمحال أن نفعل شيئا والصواب أن نتجه بفكرنا دومًا إلى أن نؤجل انتقامنا إلى أن تحين الفرصة وألا نذيع عن هذا شيئًا (البلاذرى: أنساب الاشراف: ٦٣٤ ظهر - وجه، ٦٣٦ ظهر الخ) وقد أخبر معاوية على يد واليه على المدينة مروان ابن الحكم بأن الشيعة يترددون على الحسين، فلم يروعه ذلك، بل لزم جانب الحذر ونصح مروان بأن يتحاشى الاصطدام بالحسين، وأرسل إلى الحسين رسالة مزج فيها بين الوعود الكريمة والنصح للحسين بعدم إثارته. وانتهت هذه الواقعة برد من الحسين فيه اعتزاز وأنفة، (ابن كثير، جـ ٨، ص ١٦٢). وكان ثمة مناسبتان أظهر فيهما الحسين جرأة وإقدامًا، إحداهما حين دافع عن حقه فى بعض الممتلكات مناهضًا لنفر من الأمويين ذوى البأس (الأغانى، جـ ١٦، ص ٦٨ - ٧٠)، والأخرى حين طلب معاوية من كبار عماله أن يعهدوا بالخلافة من بعده ليزيد. وهنالك كان الحسين واحدًا من خمسة أبوا أن ينزلوا على هذه الدعوة التى استحدثت مبدأ جديدًا فى الاستخلاف.
رفض آخر للبيعة ليزيد بعد وفاة معاوية ومعقبات ذلك: ما إن توفى معاوية (رجب سنة ٦٠ = مارس - أبريل سنة ٦٨٠) حتى صدع والى المدينة الوليد بن عتبة بن أبى سفيان بأمر يزيد ودعا إلى القصر فى ساعة غير مواتية الحسين وعبد الله بن الزبير لإرغامهما على إعلان الولاء للخليفة الجديد وأدرك الرجلان أن معاوية قد أدركته منيته وظلا على استمساكهما بعدم البيعة ليزيد، وخشيًا على حياتهما، ومن ثم فر ابن الزبير فى الليلة التالية إلى مكة، أما الحسين فقد شخص إلى قصر الخليفة مصحوبًا