وهذه التهمة "بالثنوية" التى استهدفت "وحدة الشهود" تكشف الفرق فى الغرض بين الطريقتين: الاتحاد بالإيمان والحب ومن خلالهما "الشهادة العظمى" من أجل وحدة الشهود، وإعادة استيعاب أفعال الموجود فى أول فعل مارسه فى الوجود (تفهم هنا على أنه فاض من الوجود الإلهى) من أجل وحدة الوجود.
[٥ - المفردات و"المصطلحات"]
كتابات الحلاج الأساسية إما تأملات فى موضوعات ترمز إلى تقدم الصوفى فى بحثه عن الله، وإما تعبيرات (شعرية) مباشرة عن هذا التقدم الفعلى. وكان الحلاج يحرص دائمًا على أن يجعل مفرداته أكثر إحكامًا، وقد اجتمعت له معرفة عميقة بمصطلحات الفقه وعلم الكلام، والفلسفة التى كانت فى دور التكوين فزودته بزاد من المعانى أهله على نحو عجيب لتحليل الأحوال عند الصوفية، وقد حاول الحلاج الذى كان من أرباب الجدل وأصحاب المواجد (انظر - Lullius sweden borg) أن يوفق بين العقيدة وبين الفلسفة اليونانية على أساس من الرياضة الصوفية؛ وكان رائدًا للغزالى فى هذا المجال (L.Massignon).
وفى الفصل الأخير من كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف، أفرد الكلاباذى عدة فصول للمصطلحات الصوفية، وتقوم تعريفات هذه المصطلحات بصورة واضحة على الحلاج: ومن ثم، نجد مصطلح "وجد"، و"سكر" و"جمع"، الخ. وبخاصة تلك المقابلات مثل التجريد والتفريد، والتجلى والاستتار، وفناء وبقاء الخ .. وكان لا مناص من أن يكون لهذه المصطلحات معنى دقيق كل الدقة فى وحدة الشهود عند مدرسة الحلاج، وقد اكتسبت معنى آخر فى المستقبل هو وحدة الوجود؛ وفى كل حالة، وكان لا بد لفهمها من الإشارة مباشرة إلى الرياضة التى وصفت وإلى تصور العالم الذين ينطوى عليه صياغتهما ومع ذلك فإن أول تعريف لهما وضعه الحلاج، كان له أهمية كبرى فى تطور علم التصوف. وقد نشأ عن ذلك فى كثير من الأحيان اختلافات، وحتى بين مريدى الحلاج أنفسهم: كاستعمال مصطلح عشق باتفاق الآراء، مع