ونضيف هنا أنه نسخ (نقل) جزءا كبيرا من المواد التى عرضها فى هذين الكتابين فى كتاب ثالث سماه "التحسين والتقبيح، عرض فيه "النقيض أو العكس فى شكل جديد فهو يمتدح ما يعتبر سيئًا ويذم ما يعتبر حسنًا؛ سعيًا -على ما يبدو- إلى أن يقدم كتابًا يبدو جديدًا وفريدًا فى جنسه.
[المحاسن والأضداد بعد الثعالبى]
ونحن نلتقى بهذا النهج الذى يشتمل على مدح وذم كل شئ والذى أصبح مرادفا لاستعراض المواهب الأدبية، مع عدد من مؤلفى الأدب الذين جاءوا بعد الثعالبى، والذين يطبقونه بشكل متفرق فى كتبهم. ومن بين هؤلاء "الأزدى" فى "حكايات أبى القاسم والحريرى فى المقامة الحريرية"(طبعة القاهرة عام ١٣٢٦ هـ/ ١٩٠٨ - ١٩٠٩ م) ثم هناك جمال الدين الوطواط (٦٣١ - ٧١٨ هـ/ ١٢٣٤ - ١٣١٨ م) الذى تأثر كثيرًا بمنهج الثعالبى بشكليه: المدح والذم من جهة، ومن جهة أخرى مدح ما هو سئ وذم ما هو حسن وهو يطبق هذا المنهج بتصنيف جيد فى عمله "غُرر الخصائص الواضحة، وغُرر النقائص الفاضحة"(القاهرة ١٣١٨ هـ/ ١٩٠٠ م) متناولا ستة عشر موضوعًا أخلاقيا: ثمانى خصال (أو فضائل) وعكسها (أى ثمانى نقائص). وتنقسم كل من الفصول الثمانية الأولى إلى ثلاثة أجزاء:
١ - مدح الفضيلة بالاستعانة بنصوص مختارة ٢ - نوادر وحكايات وشعر يتعلق بالأشخاص الذين يتمتعون بهذه الفضيلة أو اشتهروا بها ٣ - ذم هذه الفضيلة. وبالمثل فإن كل فصل للنقائص ينقسم إلى ثلاثة أجزاء:
١ - ذم النقيصة ٢ - نوادر وحكايات وأشعار ترتبط بالأشخاص الذين أصيبوا بهذه النقيصة أو اشتهروا بها ٣ - مدح النقيصة.
ولا شك أن هذا الجنس الأدبى قد اجتذب كثيرين آخرين ولكن كتاباتهم حتى هذد اللحظة لا تزال غير معروفة لنا.