للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعين أي بلد من بلدان مصر كانت فيها الوفاة، وذلك على نحو ما فعل ابن خلكان (١)، على حين يذكر البعض الآخر أن تلك الوفاة كانت بالجيزة على نحو ما فعل الشعرانى إذ يقول: "لما توفى ذو النون بالجيزة حمل في قارب مخافة أن ينقطع الجسر من كثرة الناس مع جنازته .. " (٢) ويروى الهجويرى أنَّه في ليلة وفاة ذى النون رأى سبعون رجلًا الرسول في النوم وهو يقول: "جئت لألقى ذا النون خليل الله"، وأنه بعد أن فاضت روحه وجد مكتوبًا على جبينه: "هذا حبيب الله الَّذي مات في حب

الله" (٣). ومن الكرامات التي يرددها كتاب الطبقات لذى النون والكثير غيره من الصوفية ما يذكرونه من أنَّه لما مات ذو النون أظلت الطير الخضر جنازته ترفرف عليه إلى أن وصل إلى قبره، ولما دفن غابت، وعندما رأى أهل مصر ذلك ندموا على ما فرط منهم في حق ذلك الولى، واستغفروا مما أنكروه عليه من ولايته، وما ألحقوه به من الأذى في حياته، وأجلوه بعد ذلك واحترموا قبره.

أما أين دفن ذو النون المصري، فقد ذكر ابن خلكان أنَّه دفن بالقرافة الصغرى، وأن على قبره مشهدًا مبنيًا، وأن في المشهد أيضًا قبور جماعة من الصالحين (٤). وذكر المناوى أن ذا النون قد دفن بالقرافة، وأن قبره بها ظاهر مقصود بالزيارة وعليه أنس ومهابة، وأن هذا القبر بالقرب من قبر عقبة بن عامر الجهنى الصحابى، وأنه يقال إن ذا النون وعقبة وعمرو بن العاص في

قبر واحد (٥).

-٢ -

[حياة ذى النون الروحية]

على أن ذا النون المصري كان صوفيًا من أصحاب الرياضات والمجاهدات، ووليًّا من أرباب الأذواق والمشاهدات؛ وقد كان له بحكم هذا كله حياة روحية تأتلف فيها العناصر العلمية والعملية التي يتألف منها مذهبه


(١) وفيات الأعيان، ج ١، ص ٣٨٢.
(٢) الطبقات الكبرى، ج ١، ص. ٧٧
(٣) كشف المحجوب (الترجمة الانكليزية لنيكلسون)، ص ١٠٠.
(٤) وفيات الأعيان، ج ١، ص ٢٨٠ - ٢٨١.
(٥) الكواكب الدرية ج ١، ص ٣٢.