للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قماش يمانية لا تكفى لتغطية الرأس والقدمين معا أما الحشية فمن جلد محشو بالليف. كان أثاث بيت الزوجية بائسا حقا: قربة من جلد الماعز ومنخل ومكنسة وآنية. وقدم محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] للعروسين بعض الهدايا: خميلًا (أو خملة) وقربة وإبريقا وبعض عذوق (أفرع) من أعشاب عطرية ووسادة، ولم يكن لفاطمة خدم فكانت تطحن الحبوب بنفسها مما سبب لها قروحا فى جلدها، وكان علىّ يسحب الماء من الآبار ويروى أرض الناس ابتغاء اكتساب قليل من المال، وبسبب هذا العمل الشاق راح يشكو من ألم فى صدره (لقد شقوت حتى أسليت) وقال لفاطمة (قد جاء اللَّه بسبى للنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فاذهبى فاستخدمى -أى اطلبى خادما) قالت: أنا واللَّه قد طحنت حتى محلت يداى، فأتت النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، فقال: ما جاء بك؟ فقالت جئت أُسلِّم واستحت أن تطلب طلبها ورجعت، فذهب علىّ معها فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا واللَّه لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تتلوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكن أبيع وأنفق عليهم أثمانهم" لكن الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ذهب إليهما بعد ذلك وقال: (ألا أخبركما بخير مما سألتمانى؟ فقالا: بلى، فقال: كلمات علمنيهن جبريل: تسبحان اللَّه دُبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا وتكبران عشرا، وإذا آويتما إلى فراشكما سبّحا ثلاثا وثلاثين وأحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين) قال علىّ: (فواللَّه ما تركتهن منذ علمنيهن) وعلى أية حال فبعد فتح خيبر تحسن الوضع فى بيت علىّ وفاطمة كما تحسن وضع عدد كبير من المسلمين لتلقيهم أنصبتهم مما تنتجه أرض خيبر من تمور حتى أن عائشة رضى اللَّه عنها حمدت ربها لأنه أصبح فى إمكانها أن تأكل تمرا حتى الشبع. وقد بنى علىّ بعد الزواج دارًا غير بعيدة عن دار النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لكن فاطمة كانت راغبة فى أن تكون دارها أقرب ما تكون لدار أبيها فقدم لهما الحارثة بن النعمان -وهو رجل من أهل المدينة- داره.

أولاد علىّ وفاطمة:

ولد الحسن فى السنة الثانية للهجرة (٦٢٤ م) (لكن فى هذه الحال لا يمكن