على بن محمد بن العباس التوحيدى (سمى بذلك نسبة لأحد أجداده الذى كان يبيع نوعا من التمر يسمى "التوحيد"، أو لأنه كان من القائلين بالتوحيد فى الله): فقيه وفيلسوف ومتصوف وصاحب مصنفات مختلفة, عاش فى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى). ولم يصل إلينا إلا القليل عن سيرته، ولكننا نستدل من الوثائق التى ذكرها ياقوت، أنه كان على قيد الحياة فى رجب عام ٤٠٠ هـ (فبراير ١٠١٠ م) وأنه توفى بالغا من العمر أكثر من ثمانين عاما. واختلفت الروايات فى موطنه، يذكر بعضها "نيسابور" وبعضها "شيراز" والبعض الآخر "واسط". وقد صرف الجزء الأكبر من حياته فى بغداد حيث درس النحو على أبى سعيد السيرافى، وعلى بن عيسى الرمانى، كما درس الفقه الشافعى على ابى حامد المروروذى، وأبى بكر الشافعى؛ وحضر فى وقت متأخر من حياته دروس الفلسفة التى كان يلقيها يحيى ابن عدى، وأبو أبو حيان سليمان محمد بن طاهر المنطقى وغيرهما فى أوقات مختلفة بين عامى ٣٦١ و ٣٩١ هـ
ونفاه المهلبى المتوفى عام ٣٥٢ هـ (٩٦٣ م) من بغداد (وكان يتعيش فيها من العملى نساخا) لزندقته فى آرائه التى أوردها فى مصنفات له فقدت الآن. وطلب أول الأمر معونة ابن العميد فى خراسان، وتقدم اليه برسالة محكمة الصنعة أذاعها بعد ذلك على أنها مثال من أملكة الفصاحة. وعاش أبو حيان من عام ٣٦٧ إلى عام ٣٧٠ هـ (٩٧٧ - ٩٨٠) فى بلاط ابن عباد بمدينة الرى، ولكنه لم ينل منه أى نوال لرفضه أن يكون ناسخا لكتبه. وقد ثار لنفسه بعد ذلك من هذين الوزيرين بمهاجمتهما فى رسالة تناولت مثالبهما, كما هجاهما فى كتابه "الإمتاع". ويظهر أنه كان أكثر توفيقا مع وزيوى صمصام الدولة: ابن سعدان المتوفى عام ٣٧٥ هـ (٩٨٥ - ٩٨٦ م) وعبد الله بن العريض الشيرازى. وصرف الجزء الأخير من حياته فى بغداد مرة أخرى حيث كان يعيش فى فقر. وفى أواخر أيامه أحرق مكتبته واعتذر عن هذا