ولقد تسبب مقتل السلطان خليل فى إضطراب سياسى دام سبع عشرة عامًا، تناوب القواد حكم السلطة خلالها. وأخيرًا أختير أحد أبناء قلاوون سلطانًا، وهو الناصر محمد، وكان طفلًا صغير، لا يزيد عمره عن عشر سنوات. ولقد أقصى الناصر مرتين عن الحكم، وأخيرًا عاد للسلطنة للمرة الثالثة سنة ٧٠٩ هـ/ ١٣١٠ م بعد أن إستوى عودة واكتسب الخبرة السياسية، بعد أن إنتقل من الكرك، وبفضل مساندة حكام حلب وحماة وطرابلس له زحف على مصر لينزع عنها حكم المظفر بيبرس وينصب سلطانًا للمرة الثالثة والأخيرة.
[- حكم الناصر محمد المطلق]
لم تعد دولة سلاطين المماليك مهددة من الأعداء الخارجين طوال فترة حكم السلطنة الثالثة الطويل للسلطان الملك الناصر محمد (٧٠٩ - ٧٤١ هـ/ ١٣١٠ - ١٣٤١ م). فلقد زالت الإمارات الصليبية وزال معها ـكل خطر صليبى قد يقدم من أوربا. كذلك أجهضت آخر غزوة مغولية قام بها الإيليخان أولجاتيو فى شتاء ٧١٢ هـ/ ١٣١٢ - ١٣١٣ م وبذلك لم يكن السلطان فى حاجة لأن يقسم وقته بين مصر والشام، وأصبح الناصر محمد مطلق اليد فى حل المشاكل الداخلية وفى تأسيس حكومة أوتقراطية.
ولقد كان عليه أولًا أن يؤمن وضعه فقام بقتل كل من المغتصب بيبرس وزميله سلار، خلال شهور قليلة من عودته. وكان عليه أن يتوجه للقضاء على حكام الشام الثلاثة المتوقع عدوانهم فمات أحدهم ميتة طبيعية، وأما الثانى فقد ألقى القبض عليه، بينما هرب الثالث إلى أولجاتيو. وفى نفس الوقت، نفذ الناصر محمد بمهارة سياسية فائقة إجراءًا، وهو الأستعاضة عن كبار مماليكه المحنكين بغيرهم ونقلهم من مراكزهم الرئيسية ومواقعهم الحصينة. ولقد كان من أبرز خدامه تنكز الحسامى، الذى عينه واليا على دمشق فى سنة ٧١٢ هـ/ ١٣١٢ م، ثم حاكما عاما على الشام بعد ذلك بعامين. كذلك قام بعزل ارغون الدوادار نائب السلطنة بالديار المصرية كما قام السلطان الناصر بعمل الروك الناصرى،