(١) ليس هذا النقل مطابقًا بالدقة لصنيع البغوي في المصابيع، لأنه قسم أحاديث الكتاب في كل باب إلى قسمين فقط: صحاح وحسان، ثم قال في الحسان:"وأكثرها صحاح بنقل العدل عن العدل، غير أنها لم تبلغ غاية شرط الشيخين في علو الدرجة" من صحة الإسناد إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن. وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه". فيفهم من هذا أنه لم يجعل قسمًا خاصًّا للغريب والضعيف، بل هو داخل قسم (الحسان) عنده، وأن الغرابة والضعف ليسا إلى الدرجة التي تمنع الأخذ بما ذكره في الحسان. ثم هذا التقسيم للبغوى اصطلاح خاص به، ليس موافقًا لمصطلح أهل الحديث، بل هو اصطلاح غير صواب، لأنه يخلط الأمر على القاريء، فإن كثير من كتب السنن الثلاث التي أخذ منها الحسان- وهي أبو داود والترمذي والنسائي- أحاديث صحيحة جدًّا، لا تقل في الصحة عن درجة ما اتفق عليه البخاري ومسلم، وقد انتقد كثير من المتقدمين صنيع البغوي هذا وآبانوا عن خطئه، وإن كان اصطلاحًا خاصًّا به.
(٢) هذا غلط من الأستاذ المستشرق بروكلمان" ويظهر أنه سها عن النقل، إذ أن شرح ابن حجر الهيتمى على مشكاة المصابيح مجلد واحد فقط، واسمه (فتح الإله في شرح المشكاة)، وهو مخطوط بدار الكتب المصرية (رقم ٣٥٤ حديث) ولم يطبع قط فيما نعلم، لا في مصر ولا في غيرها. أما المطبوع في مصر سنة ١٣٠٩ في خمسة مجلدات فهو (مرقاة المفاتيح لمشكاة المصابيح) تأليف العلامة ملا على ابن سلطان محمد الهروى القارى المتوفى بمكة في شوال سنة ١٠١٤ هـ (فبراير سنة ١٦٠٦ م) وهو شرح نفيس معروف، وقد أدرك العلامة بروكلمان غلطه هذا فأصلحه في الملحق الأخير لكتابه في تاريخ آداب العرب الصادر في العام الماضي، وقد أطلعنى عليه بعض الإخوان العارفين باللغة الألمانية.