وهو الأرقم (= أبو عبد الله) بن عبد مناف (ابن أبى الأرقم) بن أسد (أبو جندب) بن عبد الله: صحابى من عشيرة مخزوم، وهى من أغنى عشائر مكة وأكثرها احترامًا، وتنتسب أمه أميمة إلى قبيلة خُزَاعة، وقد اعتنق الإسلام وهو حدث، وكان من أوائل الذين آمنوا؛ ومع أن بنى مخزوم كانوا من أشد الناس عداوة للرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أن ذلك لم يمنع الأرقم من أن يكون من أخلص أنصاره حتى إنه قدَّم داره للنبى - صلى الله عليه وسلم - أيام محنته ليجتمع فيها المسلمون، وفيها وجد النبى - صلى الله عليه وسلم - مكاناً آمناً صالحاً لنشر دعوته. وفى هذا الوقت أخذت الجماعة الإسلامية فى النمو وانضم إليها رجال كثيرون منهم حمزة وعمر. وما إن أسلم عمر حتى ترك النبى - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم، ولم تذكر لنا الروايات على وجه التحقيق تاريخ التجاء النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الدار ولا مدة مكوثه فيها, ولكننا نستطيع القول بأن ذلك كان بين عام ٦١٥ وعام ٦١٧ م. ولم يذكر ابن هشام شيئًا عن دار الأرقم ولكن ذلك لا يمنع من أن يكون قد ألم بقصة هذه الدار، وكذلك عرف الطبرى هذه القصة وأرخ بها، ولكنه لم يذكرها قط فى حديثه عن سيرة النبى - صلى الله عليه وسلم -. وقد هاجر الأرقم مع المهاجرين وأقام فى المدينة فى دار من حى بنى زُرَيق يعرف ببيت الأرقم أيضًا. ويقال إن النبى - صلى الله عليه وسلم - هو الذى أقطعه هذه الدار، وقد آخى النبى - صلى الله عليه وسلم - أيضًا بين الأرقم وأبي طلحة (زيد). ويظهر أنه احتفظ، شأن الكثيرين من مهاجرى الصحابة، بحبه واحترامه لعشيرته فى مكة، ولما غنم المؤمنون فى وقعة بدر سيف المرزبان ومتاع بنى عائد المخزومى عرفه الأرقم وطلبه من النبى - صلى الله عليه وسلم -.
وقد شهد الأرقم فى المدينة المشاهد الهامة كلها, ولم يكن له فيما يظهر شأن كبير فى تاريخ النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك. وكان سعد بن أبى وقاص صديقا حميما له.
ومهما يكن من شئ فقد أوصى الأرقم سعداً بالصلاة عليه عند وفاته. وتوفى الأرقم عام ٥٤ أو ٥٥ هـ (٦٧٤ - ٦٧٥ م) بعد أن نيَف على الثمانين ورزق بابنه عثمان من أَمة، وهو جد أسرة كبيرة عاش فرع منها فى الشام.
وقد أصبحت للمدة التى قضاها النبى - صلى الله عليه وسلم - فى بيت الأرقم أهمية