خزرجى أبًا وأمًا، ولد بالمدينة حوالى عام ٥٦٣ م، وهو لذلك يكبر النبى [- صلى الله عليه وسلم -] بسبعة أعوام أو ثمانية؛ وكان أشعر أهل المدينة فى زمانه، التحق بالبلاط فى جلّق يمدح ملوك الغساسنة أولاد الحارث بن الأعرج وأحفاده. وهناك لقى النابغة وعلقمة. وقد أجرى عليه معاش لشعر مدح به عمرًا فى وجود هذين الشاعرين. ولم يمنعه ذلك من زيارة النعمان أبى قابوس بالحيرة. وأثارت هذه الزيارة حسد الملك الغسّانى، ولكن حسان أفلح فى إزالة شكوكه، ولما عاد النعمان إلى صفائه مع النابغة اصطنع حسان الحكمة وانسحب من الميدان. وادعى حسان فى سوق عكاظ أن له السبق فى الشعر فأنكر عليه ذلك منافسه البدوى وظهر قصوره عن إدراكه، ويقال إن حسان عندما بلغ الستين من عمره رأى أن الحكمة تقتضيه أن يربط نفسه بمحمد [- صلى الله عليه وسلم -]، وكان النبى [- صلى الله عليه وسلم -] إذ ذاك يشق طريقًا سريعًا إلى مقدمة الصفوف. ولم يبعده ذلك عن صداقة الغسانيين، وإن كان حسان قد رأى بثاقب نظره أنه ليس من الكياسة أن يزور أصدقاءه القدماء فى حين يقوم النبى [- صلى الله عليه وسلم -] بغزواته. وكانت خدمات حسان للنبى [- صلى الله عليه وسلم -] لا تقدر، فقد تولى الرد على هجاء الكفار من الشعراء. وعرف النبى [- صلى الله عليه وسلم -] له هذه الخدمات وكافأه بضيعة ووهبه الجارية المصرية سيرين أخت مارية القبطية بل صفح عما بدر منه فى أمر عائشة وصفوان، ولعل أعظم خدمة أداها حسان للإسلام هى إدخاله تميمًا فى هذا الدين، وكانت بينه وبين زعمائها مساجلات شعرية: وعمَّر حسان بعد النبى [- صلى الله عليه وسلم -] بل بعد أبى بكر وعمر ورثاهم جميعًا بقصائد جميلة. على أن حسان كان مواليًا بصفة خاصة لعثمان، ذلك أن عثمان عاش فى بيت أخيه بالمدينة بعد الهجرة وجعل جريرة مقتل عثمان تسعى حتى تقف بباب على. ويقال إن حسان توفى وهو فى العشرين بعد المائة من عمره وقد انقرضت أسرته.
وحسان أول من نظم الشعر الدينى فى الإسلام. وتكثر فى قصائده الآيات القرآنية وهى إلى ذلك حافلة بالتفاخر