لذلك، لكن الكثير من المتكلمين ينظرون إليه مع ذلك باعتباره نقطة المرجعية. وفى السنوات الأخيرة أضحى من الصعب التمييز الواضح بين كل من أتباع الأشعرى وأتباع الماتريدى، فبينما "فخر الدين الرازى" و"الدوانى" و"اللقانى" يعدون أشاعرة واقعين تحت تأثير الماتريدى، فإن "أبا البركات النسفى" و"التفتازانى" قد ينظر إليهما على أنهما منتمين أساسا إلى سلك الأحناف الماتريديين ومنتمين بصفة ثانوية فقط للأشاعرة (من حيث كونهم قبلوا بنظرية الأجزاء).
ومذهب الأحناف الماتُريديين فى واقع الأمر -إذا ما قورن بمذهب الأشاعرة- يقترح حلولا ذات طابع سيكولوجى وفكرى، كما تعرض ذلك كتب بعينها (مثل كتاب "نظم الفرائد" لعبد الرحمن بن على). فالأخير يعتبر أن اللَّه يخلق فى الإنسان "أصل" أفعاله أيا كانت، والإرادة الحرة للإنسان هى التى توجهها نحو الخير أو الشر. والأول يرى أن القضاء والقدر لم يعودا مرتبطين -على نحو ما يرى الأشاعرة- بإرادة اللَّه، بل هما مرتبطان بالمعرفة الربانية Dirrine Knowledge وأن الروابط بين أحدهما والآخر فى الزمن والأزل معكوسة. (انظر القضاء والقدر أيضًا).
[هـ - العصر الحديث]
النهضة التى عرفها الفكر العربى الإسلامى فى نهاية القرن التاسع عشر تحققت بصورة خاصة فى مجال الثقافة بمعناها الواسع وبصفة أساسية فى ميدان الأدب تحت تأثير الفكر الغربى الحديث -لكن كان لها رد فعلها على علوم الدين" ومن ثم على "التفسير" و"أصول الفقه". . ونقول ذلك وحركة الإصلاح التى تولتها السلفية ماثلة فى الأذهان. لكن هل يجوز لنا الحديث عن انبعاث لعلم الكلام؟ للإجابة على هذا السؤال سنلجأ إلى رسالة "الرد على الدهريين" لجمال الدين الأفغانى، وكذلك "رسالة التوحيد" لمحمد عبده، وبعض الكتابات الأخرى لهذا الأخير. فكتاب الأفغانى الذى يهاجم المتشككين والمنكرين المعاصرين قد حض عليه الاهتمام بالدفاع عن العقيدة، ورسالة محمد عبده القصد منها أن تكون بمثابة شرح جذاب للإسلام يهدف إلى التأثير على