وسبب بقاء هذه القواعد (العملية) طويلا أنها تفى بحاجات المستخدمين العمليين الذين كانوا بحاجة إلى قيم سهلة الحساب لا دقة رياضية فائقة. ولأسباب مشابهة -وتمشيا مع الممارسات التقليدية- لم تكن كل الأعمال المختصة بالمساحة تقريبًا تقدم أية براهين هندسية علمية على درجات دقة القوانين التى تستخدمها.
ومن الاتجاهات التى ارتبطت بالمؤلفين العرب أيضا إعطاء مجموعة من الصيغ الرياضية التى تتفق تماما من حيث الجوهر فى صورها الرياضية المختلفة؛ إذ نجد مثلا فى المخطوط رقم ٥٩٥٤ بمتحف برلين طريقة لحساب وتر المثلث قائم الزاوية باربع صيغ مختلفة. ولعل السبب وراء ذلك توفير الخيارات المختلفة لينتقى منها المستخدم العملى ما يناسب الحالة التى تعن له،
ويمكن التماس أصول الهندسة العربية فى مؤلفات الأغريق والهنود؛ فالقواعد -من حيث الشكل والجوهر- تكاد تكون إغريقية تماما، خصوصا لدى قدامى المؤلفين. ويبدو أن إنجازات "هيرو" الباهرة -والتى ترجع بدورها لأصول مصرية- كانت النموذج المحتذى للمؤلفات العربية فى علم الهندسة، أما الهنود فتعود إليهم النسبة ط (II) واستخدام الصيغة: م = مضروب أطوال الأضلاع فى حساب مساحة الرباعى المرسوم داخل دائرة.
وفضل العرب فى علم الهندسة لا يتمثل فى التوصل إلى حقائق جديدة -برغم ما نجده فى مؤلفات علم المساحة من قواعد مستحدثة- بقدر ما يتمثل فى إثراء هذا العلم بطرق حساب وطرق تدريس جديدة، ويتمثل كذلك وبصفة خاصة فيما قام به العرب من صيانة تراث القدماء وتسليمه إلى العالم الغربى.
[المصادر]
(١) Zahir al-Din Muhammed Babur: Baburnama, Leiden and London ١٩٠٥
(٢) I Fran Habib: The agrarian system of mughal India, Bombay ١٩٦٣
على يوسف على [بيرتون J. Burton] [بيج وأندروز Page & P. A. Andrews]