الشخصية ومن ثم كانوا لا يملكون حيالها أية حرية حقيقية. أما على المستوى الميتافيزيقى فإن مسألة مقدار الحرية الممنوحة للبشر حيال اللَّه القادر على كل شئ ظلت تشغل عقول المسلمين منذ الإسلام ومع ذلك فأيما كانت الرخصة فى ذلك فإنها لم تكن تعطى فى صورة أى نوع من الحرية الشخصية وإنما كانت تعطى لضمان قيام مجتمع أحسن تنظيمًا. زد على دلك أن الحل الأشعرى للغز الاختيار الذى اتسع انتشاره كان أدق وألطف من أن تعيه الجماهير وعلى أى حال فإن هذا الحل فشل فى أن يجعلهم يعون أهمية عنصر الحرية الإنسانية التى ينطوى عليها.
[المصادر]
(١) The Muslim con-: F. Rosenthal cept of freedom، ليدن سنة ١٩٦٠.
(٢) أما عن الكتب الإسلامية الحديثة التى تعنى أيضًا بعض العناية بالأساس التاريخى للحرية فانظر مصادر المادة التالية.
خورشيد [روزنتال. F. Rosenthal]
[- العصر الحديث]
الإمبراطورية العثمانية وما بعدها: ترجع الشواهد الأولى على استعمال كلمة حرية بمعنى سياسى محدد تحديدًا واضحًا إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادى فى تركية. ولم تكن الكلمة التى استعملت للدلالة عليها هى كلمة "حرية" بل كلمة "سربستييت"؛ (ثم سربستى من بعد أيضًا) وهما مصدران عربيان وفارسيان منتحلان من "سربست"؛ وسربستييت اصطلاح تركى مقرر يدل على عدم وجود حدود أو قيود (ومن ثم كان معنى "سربست تيمار" الإقطاع الذى تعود كل موارده إلى المقطع تمييزًا له عن الإقطاع المألوف الذى يحتفظ فيه ببعض موارده لتؤدي إلى بيت المال الإمبراطورى؛ وقد دلت كلمة "سربستييت" فى أول ظهور لها معروف فى الوثائق الرسمية بمعنى الحرية الجماعية أكثر من دلالتها على الحرية الفردية، أى بمعنى الاستقلال أكثر من معنى الحرية بمدلولها القديم الليبرالى. وهذا ماثل فى المادة الثالثة من معاهدة كوجوك قينارجه المعقودة سنة ١٧٧٤ م التى قررت الاستقلال