" الجاحظ": أبو عثمان عمرو بن بحر مولى كنانة، ويلقب بالجاحظ لجحوظ عينيه: كاتب شهير ومتكلم. وهو من شيوخ معتزلة البصرة. وكان في دراساته الأدبية متأثر، برجال الأدب والعلم بالبصرة المعروفين بـ "المسجديين" لاجتماعهم في المسجد الجامع (البيان والتبيين ج ١، ص ٩٨؛ ج ٢، ص ١٦٤). وقد قرأ الخليفة المأمون كتب الجاحظ عن الإمامة وقدرها حق قدرها، واستدعاه إلى بلاطه. وابتدأ نجم الجاحظ في الصعود مذ اتصل بابن الزيات وزير الخليفتين المعتصم والواثق من عام ٢٢٠ هـ. ونبه صيت الجاحظ أديب البصرة، فرعاه هذا الوزير، وكان من رجال العلم، وكفاه مؤونة كل شيء. وكان أكثر مقام الجاحظ في ذلك الوقت في بغداد والعسكر (مصيف الخلفاء في سامرا) وقد تردد أيضًا على دمشق وأنطاكية. ونجا الجاحظ في بداية عهد المتوكل من المصير الذي لقيه ابن الزيات على الرغم من أنه كان ذا صلة بما أودى بمولاه، على أنه استطاع أن يحوز رضا أحمد بن أبي داود قاضي القضاة ومنافس ابن الزيات في الأدب والسياسة، وقد أهدى له الجاحظ ولإبنه أبي الوليد محمد جميع تواليفه. ورغب الخليفة المتوكل في أن يؤدب الجاحظ أولاده ولكنه رجع عن ذلك لدمامته. وفلج القاضي أحمد عام ٢٣٥ هـ وصرف ابنه عن منصبه عام ٢٣٧ هـ وكان قد خلف أباه على القضاء. وبدا من الخلفاء في ذلك الوقت ميل إلى الرجوع إلى السنة، وفي ذلك مناهضة للمعتزلة. ونعى الجاحظ على النابتة في رسالته عنهم (نشرها فلوتن Vloten في أعمال مؤتمر المستشرقين الدولى الحادي عشر، القسم الثالث، ص ٣١٥ وما بعدها) أنهم درسوا الكلام وردوا به على المعتزلة. وأخذ الاعتزال -الذي كان له سلطان كبير في حاشية الخليفة- يتضاءل على الأيام، وليس من المحقق أن هذا الرجوع إلى الشيعة قد كشف شهرة الجاحظ. وكل مانعلمه أنه عاد إلى البصرة بعد أن أصابه الفالج في جانبه وأنه توفى بها ٢٥٥ هـ أو عام ٢٥٠ هـ كما في روايات أخرى بعد أن نيف على