تدخلت السلطات الإسلامية لتأييد الدَّعِى يوحنا المجذوم ضد البطريرك النسطورى حنانيشوع (٦٨٥ - ٧٠٠) ففقدت الأسقفية زعيمها الروحى طوال أربعة عشر عامًا (انظر فى هذا كتاب مارى: أخبار بطارقة المشرق، ص ٦٣ - ٦٤، ولصليبة كتاب يحمل العنوان نفسه، ص ٥٩) ومن ناحية أخرى وجدنا الوالى خليل بن عبد اللَّه القسرى (وكان أبوه مسيحيًا) يؤيد البطريرك بثيون Pethion (٧٣١ - ٧٤٠)(أنظر ما كتبه مارى فى الكتاب آنف الذكر، ص ٦٦).
وترسم لنا حوليات السريان الغربيين صورة أكثر قتامة لأحوال الفلاحين فى الشام (مسيحيين وغير مسيحيين) فى ظل خلفاء بنى أمية حيث تتردد -بشكل مستمر- الكلمة السريانية (Census) الدَّالة على فرض ضرائب جديدة لبناء القصور الضِّخام التى لا ينعم بها إلّا الأمراء أو شق القنوات لرى حدائقهم، ويصبح الحال أسوأ عندما يموت الخليفة ولما يكتمل مشروعه، أما الحوليات المسيحية فهى تروى الأحداث من وجهه نظر الشعب -على عكس الحوليات الإسلامية- لذا فهى لا تقدم لنا الصورة وردية دائمًا (انظر: Fiey, The Umayyads in Syriac Sources المنشور فى سجل أبحاث مؤتمر تاريخ بلاد الشام، عمان، ١٩٨٩ جـ ٢، ص ١١ - ٢٥).
[فى ظل العباسيين]
لم يكن تقلص عدد المسيحيين فى ظل الدولة العباسية -ناتجًا- فى الأساس- عن أعباء مالية مفروضة عليهم، وإنما كان فى الأساس خاصة بين المتعلمين من أطباء وكتّاب بسبب بعض الضغوط الإجتماعية فقد كان المسيحيون يشغلون وظائف هامشية ولا يمكنهم الاندماج فى المجتمع بشكل كامل إلا إذا تحولوا للإسلام وكان هذا أمر، ضروريًا للاحتفاظ بالمنصب أو للوصول إلى مراتب عليا. وكان المسلمون ينظرون بعين الشك إلى أولئك الذين دفعتهم مصالحهم إلى إعتناق الإسلام كحنين بن إسحق (المتوفى ٢٦٠ هـ/ ٨٧٣ م) الطبيب الفيلسوف، وكان نسطوريًا، وابن كمونه اليهودى