الحفصى الذى أمر بقتله فكان هذا خاتمة دولة بنى مكى ونهاية استقلال قابس التى لا نعود نسمع عنها إلا القليل منذ ذلك الحين فقد جرى عليها ما جرى على بقية الجنوب من خروجها من تحت سلطان آخر الحفصيين الذين كانوا تحت الحماية الأسبانية قبل أن يدخلوا فى دائرة الأملاك التركية من بقية تونس التى أصبحت "باشليقا"(١٥٧٤ م) وقام عثمان داى (الذى حكم من ١٥٩٠ - ١٦١٠ م) ببذل جهود جبارة لإعادة السلام إلى البلاد فاقام فى "جاران" مستوطنة للكولوغيين ونعنى بهم الجماعات التى من أصول مختلفة أى من الأبناء الذين هم نتاج زواج الترك بالنساء الوطنيات. ولقد قاست قابس أكثر من سواها من المدن الأخرى من الفوضى التى سبقت الاحتلال الفرنسى وذلك بسبب وقوعها على تخوم الصحراء، كما تزايد الضغط عليها من جانب البابا ومن جانب البدو الذين اعتادوا الاختفاء بالصحراء أو الالتجاء إلى وراء الحدود الليبية حين يحسون باقتراب القوات النظامية منهم وعلى الرغم من عدم وجود قابس فى مركز العاصفة إلا إنها لم تسلم من أن يمسها الضرر من فتنة على بن غذاهم (١٨٦٤ م) فقد تعرضت فى الواقع للنهب على يد الخازندار سنة ١٨٧٠. ولما فرضت الحماية حدث شقاق بين جماعتين متنافستين حول ما يمكن اتخاذه حيال هذه الحماية إذ مال أهل "جارا" لقبولها على حين آثر أهل "منزل" مقاومتها، وكان من الصعب احتلال "منزل" فقد استغرق من ٢٤ يوليو ١٨٨١ م إلى نهاية نوفمير بعد تحطيم جميع الاستحكامات وفى أثناء الحرب العالمية الثانية أقيم خط دفاع جنوب قابس أدى إلى قصف البلد بالمدافع قصفًا عنيفا فعمها الدمار الشامل، ومع ذلك فلم تنج من احتلال الألمان لها يوم ١٩ نوفبر ١٩٤٢ م، ثم عادت القوات البريطانية والفرنسية فاحتلتها يوم ٩ مارس ١٩٤٣ م.
قابس جغرافيا: ربما كان أحسن تعريف لقابس هو أنها "واحة بحرية" ذاك أنها نعمت على مدى العصور المختلفة بالرخاء الذى نتج عن وفرة الرخاء بها ونشاط الحركة فى موانيها