وفى شتاء سنة (٥٧٨ هـ/ ١١٨٣ م)، أرسل "رينال القطلونى" فى بداية حملته البحرية ضد المدن المقدسة، سفينتين من عدن لمراقبة قلعة القلزم ليحول دون وصول المياه إلى الموقع, ولكن سرعان ما شيد "الحاجب حسام الدين لؤلؤ" أسطولا بأمر من صلاح الدين شقيق "الملك العادل" فى القلزم، والذى أبحر إلى "عيذاب" ووضع حدا سريعا لهذه المغامرة الفاشلة وحينما ضم "الدمشقى" القلزم ضمن أراضى الكرك، لم تكن سوى مجرد ذكرى لأحداث قرن مضى.
فقد كانت القلزم فى زمن الإدريسى وياقوت والدمشقى مدينة مهجورة بالفعل. وعثر المقريزى ضمن الوثائق القديمة فى قصر القاهرة على حسابات تخص النفقات المنصرفة على الإدارة المدنية والعسكرية للمدينة والمنطقة، وخلص منها إلى أنها لابد وأنها كانت فى قمة الإزدهار فى وقت من الأوقات. واستشهد بقول "القضاعى" بأن المدينة كانت بالفعل خربة على أيامه، ويفترض أن قوله هذا ينصب على القلعة أيضًا (قلعة القلزم) التى ورد ذكرها فى العديد من الروايات. وطبقا لرواية الإدريسى، فإن البربر, قد احتلوها ونهبوا ما فيها. وكان مصدر المياه الوحيد المعروف فى المنطقة المحيطة، هو بئر السويس، والذى كان إنتاجه ضئيلا من المياه التى تشوبها الملوحة. وبالفعل يذكر"المقدسى" فى (القرن الهجرى الرابع/ العاشر الميلادى)"السويس" والتى حلت بالتدريج مكان القلزم على بعد ميل واحد منها.
وما زال اسم "القلزم" يطلق على بعض المرتفعات فى شمال السويس، مثل "كوم القلزم".
[المصادر]
(١) H. Maspero and G. Wiet: Materiaux pour servir a la Reographie de I'Egypte, in MIF AO, xxxvi, Cairo ١٩١٩, ١٠٧ - ٨