المحملة بالحبوب من الفسطاط تبحر منها بعد أن تعبر القناة إلى "الجار" و"جدة".
ويذكر ابن خرداذَبَة -عن التجار اليهود من الذين يطلق عليهم "الراذانيّة" أنهم قدموا من أراضى الفرنجة إلى "الفرماء"، ومنها حملوا بضائعهم على الجمال لمسافة ٣٥ فرسخا إلى القلزم، حيث وضعوها على السفن التى أبحرت إلى الهند والصين. وشكلت "القلزم" مع "الطور" و"إيلا" منطقة واحدة من مصر.
وأقام العرب بالضواحى المحيطة بالقلزم منذ تاريخ مبكر. ويرد ذكرهم بالفعل فى كتابات الناسك "سيسوس" Sisoes، وهو أحد الشهداء الأقباط الثلاثة (الآخران هما عطاناس وبيجمى) وتوجد مقابرهم فى القلزم. وعاش الناسك يوحنا القصير لمدة سبعين عاما فى كهف حفره بنفسه بالقرب من جبل أنطوان، ودفن بجوار مقابر الشهداء الثلاثة.
وسمى "جبل أنطوان" بهذا الاسم، نسبة إلى القديس "أنتونى" الذى اعتزل الحياة هناك بعيدا عن صخب العالم الدنيوى. وظهرت "قلزم" لأول مرة تحت اسم "كليسما" القديمة.
وفى أواخر حكم العباسيين لمصر، تمرد "البجاه" فى النوبة، وقاموا بغزو صعيد مصر، ونشروا الدمار فى العديد من المدن. وأرسل إليهم المتوكل جيشا تحت قيادة محمد بن عبد اللَّه القمى، والذى شق طريقه من "قوص" مباشرة عبر الصحراء إلى مناجم الزمرد، بينما أبحرت سبع سفن بالعتاد من "القلزم" إلى "صنجا" بالقرب من "عيذاب"، حيث زودت الجيش الظافر من هناك بما يلزم من ذخيرة ومؤن.
وفى خريف سنة ٣٦١ هـ/ ٩٧١ م استولى القائد القرمُطى حسن بن أحمد فى حملته ضد جوهر الفاطمى، على مدن القلزم والفرما وتنيس. وعقب هزيمته على مشارف القاهرة، تقهقر تحت جنح الظلام، مارا بالقلزم إلى شبه الجزيرة العربية.